• العنوان:
    7 أُكتوبر.. يومُ الفَصْل بين العزة الإيمانية ووهن الخِذلان العربي
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    إنَّ السابع من أُكتوبر 2023م لم يكن مُجَـرّد تاريخ يُضاف إلى سجل الصراع، أَو عملية عسكرية تُحسب بمدى اختراقها لجدار الفصل الإسمنتي.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

بل كان، في حقيقته البنيوية والرسالية، يومَ الفَصْل الوجودي الذي أحدث صدعًا هائلًا في بنية النظام الإقليمي المتهاوي تحت وطأة التبعية.

لقد مثّلت عملية "طوفان الأقصى" الزلزال الاستراتيجي الذي أعاد تعريف الخريطة الأخلاقية والأيديولوجية للأُمَّـة، ففصلت بحدٍّ قاطع بين معسكرين لا ثالث لهما: معسكر العزة الإيمانية الذي اختار المواجهة طريقًا وضرورة وجودية، وَمعسكر الوهن والخِذلان الذي آثر الاستسلام والتواطؤ والتنصُّل من التكليف الإلهي.

في غزة الصامدة، تجلّت العزة الإيمانية في أبهى وأصدق صورها؛ حينما انهارت أعتى منظومة أمنية واستخباراتية في الشرق الأوسط أمام إرادَة جهادية صلبة، مدعومة بـ "عقيدة التكليف" التي لا تعرف التردّد أَو حسابات الخسارة المادية.

المقاومة لم تحطّم الجدار الإسمنتي فحسب، بل حطّمت وهم القوة الصهيونية المزعومة، مثبِتةً أن النصر الحقيقي ليس حكرًا على التفوق التكنولوجي، بل هو وعد إلهي لمن ثبت واستجاب لنداء الحق.

هذه العزة هي التي فجّرت طاقات الإسناد المحوري، وعلى رأسها الموقف اليمني التاريخي.

لقد ألهمت هذه العزة القيادة الثورية في صنعاء لتحوّل البحر الأحمر، الذي كان يُفترض أن يكون طريقًا آمنًا للمطبعين، إلى جبهة اشتباك مباشرة، مفعّلةً "سلاح الجغرافيا الإيمانية" لفرض تكلفة باهظة على حماة العدوان، وتجسيدًا للآية الكريمة: ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾.

اليمن، بهذا الفعل، سدّ الفراغ الذي خلّفه المتخاذلون ووضع نفسه في مصاف الفاعلين الأحرار.

على النقيض تمامًا، انكشفت حقيقة وهن الخِذلان العربي الذي تجسّد في الصمت المطبق والتواطؤ الفاضح.

لقد فضحت الحرب الأنظمة التي استقالت من واجبها الديني والقومي، والتي فضّلت حماية مصالحها الاقتصادية السطحية والعلاقات المذلّة مع الغرب على نصرة القضية المركزية.

هذا الوهن ليس تقصيرًا عابرًا، بل جريمة استراتيجية سمحت للعدو باستكمال عدوانه الوحشي تحت غطاء من اللامبالاة الإقليمية، وهو ما يقع تحت طائلة التولي المرفوض شرعًا: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.

اليوم، أصبح المشهد واضحًا لا لبس فيه: يوم السابع من أُكتوبر هو نقطة اللاعودة التي وضعت كُـلّ طرف في موضعه الحقيقي.

فإما أن تكون مع العزة والمقاومة في طريق التحرير الشامل، وإما أن تظل مع الخِذلان في طريق التبعية والزوال الموعود.

هذا هو الفَصْلُ المُبين الذي لن يمحوه التاريخ، وسيبقى شاهدًا على من كان مع الحق ومن كان مع الباطل.

تغطيات