• العنوان:
    فيضان صناعي يغرق السودان ويثير استياء مصر بسبب إدارة سد النهضة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    لم يكن المشهد الأخير من فيضان النيل في السودان مجرد كارثة طبيعية نتجت عن موسم أمطار استثنائي، بل كان – وفقاً للخبراء والمراقبين – نتيجة مباشرة لسياسات إثيوبيا الأحادية في إدارة سد النهضة، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة الجدل حول المخاطر الفنية والسياسية التي يثيرها هذا المشروع الضخم منذ انطلاقه.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

وأشارت تقارير وزارة الري والموارد المائية المصرية إلى أن إثيوبيا أقدمت خلال الأشهر الماضية على تخزين كميات ضخمة من المياه في بحيرة السد دون مراعاة خصوصية موسم الأمطار الذي يبلغ ذروته في الفترة بين يونيو وأكتوبر. ومع امتلاء الخزان، اضطرت أديس أبابا إلى فتح بوابات إضافية لتصريف ما يقارب 750 مليون متر مكعب يومياً، ما أدى إلى ما يشبه "فيضاناً صناعياً" اجتاح الأراضي السودانية، وألحق أضراراً بالزراعة والقرى الواقعة على ضفاف النهر.

هذا السلوك، بحسب خبراء مصريين، يعكس رفض إثيوبيا للتفريغ التدريجي للخزان قبل موسم الأمطار، وهو ما كان سيخفف من حدة الارتفاع المفاجئ في مناسيب المياه.

النتيجة المباشرة لهذا التصرف كانت غرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية السودانية، إلى جانب تضرر قرى ومناطق سكنية. ويجمع محللون على أن السودان بات "الخاسر الأكبر" في هذه المعادلة، إذ يتلقى بشكل مباشر تداعيات أي خطأ أو قرار منفرد في تشغيل السد، دون أن يمتلك آلية فاعلة للتأثير على القرارات الإثيوبية.

من جانبها، أبدت مصر استياءً واضحاً من "الإدارة غير المنضبطة" لسد النهضة، مؤكدة في بياناتها الرسمية أن السد العالي في أسوان لا يزال يمثل صمام الأمان الرئيسي لمصر ضد أي تقلبات مفاجئة في منسوب النيل.

وفي الوقت ذاته، نفت القاهرة ما تداولته بعض المنصات حول "غرق محافظات مصرية"، موضحة أن الأراضي التي غمرتها المياه تقع أساساً ضمن حرم النيل وأراضي الطرح المعرّضة للغمر عند ارتفاع المناسيب.

تتجاوز القضية حدود الفيضان الأخير لتكشف مجدداً غياب التنسيق والتفاهم بين دول حوض النيل، خاصة بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى. ويشير مراقبون إلى أن ما حدث يمثل دليلاً عملياً على خطورة الإدارة الأحادية للسد على استقرار المنطقة، ويؤكد صحة المخاوف التي طرحتها القاهرة والخرطوم منذ سنوات.

كما يعزز هذا الحدث الحاجة الملحّة لإطار قانوني ملزم لإدارة وتشغيل السد، يضمن عدم تعريض دول المصب لمخاطر مائية أو بيئية أو اقتصادية.

لقد أثبت الفيضان الأخير أن المياه قد تتحول من مصدر حياة إلى أداة ضغط سياسية وكارثة بيئية إذا لم تتم إدارتها بمسؤولية.

وبينما يواجه السودان تداعيات ميدانية مباشرة، تسعى مصر إلى توظيف الحادثة لإعادة التأكيد على مطلبها القديم: ضرورة وجود اتفاق شامل وملزم ينظم الملء والتشغيل، ويحول دون تكرار ما بات يُعرف بـ"الفيضان الصناعي".