• العنوان:
    التفنن في صناعة التفرق والاختلاف
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

لقد سعى الأعداء على مدى الأزمنة في إطار صنعِ أسباب التفرق والاختلاف لدى أبناء الأُمَّــة الإسلامية، منها التي هي من خلال الطبقية والعنصرية ودعاوى الجاهلية التي نسفها رسول الله، ومن دعاوى الجاهلية التي استطاع أعداء الله إعادة تدويرها وتأجيجها وترسيخ أفكارها من جديد لدى أبناء الأُمَّــة الإسلامية بعد أن نسفها الإسلام، منها هذه المسميات والمصطلحات التي عادت ربما أكثر حتى من الجاهلية الأولى، منها (سيد، قبيلي، نقيب، شريف، مفضل، مكرم، معظم، مميز، ناقص، فاتر، فسل، وما شابه).

وتعمدوا زرع مثل هذه الأفكار في عقول أصحابها وترسيخها، بل وحتى الوصول إلى الإقرار لهم بها بطريقة أَو بأُخرى؛ لأنهم يدركون أنه لا بُـدَّ أن تبقى مثل هذه الأفكار لدى أصحابها، وليس لمصلحتهم عدم بقاءها أَو نسفها ونبذها والتخلص منها، وبشكلٍ خبيثٍ وخطير ومدروس؛ لكي تترسخ لديهم الفكرة ولكي يثقوا بأنفسهم أكثر.

وبِتِلْكَ الأفكار الحمقاء والجاهلية؛ فيشعروا بالعجب والغرور والكبر والشعور بالتميز والاستعلاء وُصُـولًا إلى استحقار الآخرين وتهميشهم وازدرائهم والنظر إليهم نظرةً دونية؛ فتكون النتيجة تراكم الحساسيات والغيظ والحقد وتنمية العداء لدى تلك الفئات المستضعفة التي اتجه أُولئك - من حَيثُ يشعرون ومن حَيثُ لا يشعرون - إلى استحقارهم وازدرائهم والنظر إليهم نظرةً دونية؛ فتصبح نفسياتهم جميعًا وواقعهم جميعًا مهيئين ليقوم أعداء الله بإشعال فتيل الفتنة بينهم في أية لحظة وفي أي وقت بكل سهولة عن طريق استغلال تلك الأفكار التي زرعوها وعملوا على تأجيجها وترسيخها لدى أصحابها، فتزيدهم الفتنة اندفاعًا أكثر وغرورًا وكبرًا واستحقارا وازدراءً واستهزاءً أكثر بالآخرين الذين هم مستضعفين، واستضعافهم بشعور أَو بغير شعور، وَأَيْـضًا استغلال النتائج وردات الفعل الناتجة تلقائيًّا لدى المستضعفين والأقليات التي تصبح عبارة عن أفكار ممتلئة حساسيةً وحقدًا وعداوةً تترسخ لديهم تلقائيًّا نتيجة تلك النظرة الخاطئة والجاهلية التي نسفها الإسلام، فيستغلها الأعداء لتحريضهم والدفع بهم والتلاعب بالجميع، وهكذا أصبحوا مهيئين من جهة وأُولئك مهيئين من جهة وغيرهم، كلهم مجهزون ومهيئون نفسيًّا وفكريًّا وعقائديًّا لإشعال نار الفتنة فيما بينهم متى ما أراد الطواغيت والمجرمون والظالمون والعابثون.

وينبغي على جميع أبناء الأُمَّــة الإسلامية ألا ينجروا وراء ما يريده الأعداء وأن يكونوا واعين وحذرين وأن يتخلصوا من كُـلّ أسباب التفرق والاختلاف والشتات التي زرعها الأعداء فيما بينهم من أفكار وثقافات وعقائد ودعاوى جاهلية، وأن يسعوا إلى توحيد صفهم وكلمتهم حتى يكونوا أُمَّـة واحدةً متآلفةً متحابةً متراحمةً كالبنيان المرصوص والجسد الواحد.