• العنوان:
    أسطول الصمود العالمي مصيره بيد الكيان
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

بينما تستمر آلة الحرب والحصار في خنق قطاع غزة من كُـلّ الجهات، لم تتوقف المبادرات الإنسانية والشعبيّة حول العالم عن محاولة كسر جدار الصمت والتجويع المفروض على أكثر من مليوني إنسان. وفي هذا السياق، أبحر أسطول الصمود العالمي في هذه الأيّام، كأكبر تحَرّك بحري شعبي من نوعه، جمع متضامنين من عشرات الدول، بينهم أطباء ومحامون وحقوقيون، إضافة إلى أطنان من المساعدات الموجهة لسكان غزة المحاصرين منذ ما يزيد على عامين.

انطلقت سفنُ الأسطول من موانئ أُورُوبية باتّجاه البحر المتوسط، حاملة معها رسالة واضحة: غزة ليست وحدها؛ إلا أن ما واجهه هذا الأسطول لم يكن جديدًا على من سبقوه؛ إذ اعترضته التهديدات الإسرائيلية منذ لحظة الإعلان عنه، حَيثُ اعتبره الاحتلال "خطرًا أمنيًا" يجب وقفه، ولو بالقوة.

وهكذا، أصبح مصير الأسطول الإنساني في يد الكيان الإسرائيلي، الذي لم يتوانَ عن تحريك أسطوله البحري والجوي لمراقبة تحَرّكات السفن وتهديدها ومنعها من الوصول. فما كان من منظمي الحملة والمتضامنين إلا أن واجهوا ذات المصير الذي واجهته أساطيل سابقة في السنة الماضية، حين تحولت المبادرات السلمية إلى ساحة مواجهة غير متكافئة مع قوة عسكرية تفرض سيطرتها الكاملة على البحر والبر.

لا تغيب عن الأذهان تجربة الأسطول السابق، الذي انطلق قبل سنة في محاولة مماثلة لكسر الحصار عن غزة، لكنه قُوبل بنفس الرد الإسرائيلي: اعتراض في عرض البحر، مصادرة السفن، واعتقال المتضامنين، دون أي اعتبار للمعايير الدولية أَو الإنسانية. يومها، كانت صور أُولئك النشطاء تتصدر شاشات الإعلام المقاوم، التي وثّقت الحدث لحظة بلحظة، كاشفة حقيقة الغطرسة الصهيونية أمام الرأي العام.

التاريخ يعيد نفسه، لكن بأسماء مختلفة. فالأسطول الذي كان بالأمس تجربة أولى محفوفة بالخطر، بات اليوم نموذجًا يتكرّر، وكل مرة يحمل معه إصرارًا أكبر. المتغير الوحيد هو أن التحدي يتعاظم، ومعه تزداد رمزية هذه المبادرات التي تنقل المعركة من ميادين السلاح إلى ميادين الكرامة الإنسانية.

وبينما يراهن الكيان على عزل غزة عن العالم، تأتي هذه التحَرّكات لتكسر الجدران، ليس فقط جدران الحصار، بل أَيْـضًا جدران الصمت العالمي. صحيح أن الأسطول لم يصل إلى وجهته، لكنه وصل إلى الهدف الأهم: فضح الاحتلال وكسر صمته الدولي.

في النهاية، لم تكن غاية أسطول الصمود أن يرسو فقط على شاطئ غزة، بل أن يُحدث صدى في ضمير العالم. فحتى إن كان مصيره قد تقرّر بيد الكيان، فإن المعركة لم تنتهِ، بل بدأت من جديد، كما بدأت قبل سنوات بسفن حملت الأمل والتحدي في مواجهة الظلم.