• العنوان:
    أسطول الصمود.. نشطاء الغرب يكسرون صمتَ العرب!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    جاءوا من «آخر الدنيا» -طلابًا، أطباء، صحفيين، فنانين وحقوقيين- يحملون الكوفية والأدوية والمواد الغذائية، مستعدين للمخاطرة، ونرى استمرار تعاون بعض الدول العربية مع كيان الاحتلال والإبادة!
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

   

في زمنٍ تفرّقت فيه مواقف الدول والسياسات، برزت حركة دولية شعبيّة قرّرت أن تترجم التعاطف مع غزة إلى فعلٍ بحري جريء: أسطولٌ من الناشطين والسفن انطلق من موانئ أُورُوبا وشمال إفريقيا مهاجرًا نحو البحر المتوسط لكسر الحصار عن أهل غزة، حاملًا مساعدات إنسانية ورسائل تضامن.

الحركة، التي تضم ناشطين ومتطوعين من بلدان بعيدة عن الساحة العربية، كشفت تناقضًا صارخًا بين حرارة المواطن الغربي وبعض قياداته، ومواقف عدد من الأنظمة العربية المجاورة التي اختارت النهج الدبلوماسي والاقتصادي مع كيان العدوّ بدل خطوات ضغط عملية على الاحتلال.

الناشطون في «أسطول الصمود» جاءوا من «آخر الدنيا» -طلابًا، أطباء، صحفيين، فنانين وحقوقيين- يحملون الكوفية والأدوية والمواد الغذائية، مستعدين للمخاطرة؛ مِن أجلِ تمرير قافلة إنسانية وفتح شريان أمل لغزة المحاصرة.

ولم تتأخر المواجهات؛ إذ تحدثت تقارير متعددة عن هجمات بالطائرات المسيّرة وانفجارات قرب بعض السفن أثناء تحَرّك القوافل، ما أظهر خطورة المهمة وإصرار المنخرطين فيها على الاستمرار.

وما ينبغي أن يلحظه المراقب أن هذا الزخم الشعبي الغربي لا ينبع من فراغ؛ فجزء منه نتاج ضغط مدني عالمي على حكوماتٍ لم تعد تملك احتكار الأخلاق.

ومن أبرز الأمثلة الصارخة موقف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي دعا علنًا إلى تشكيل قوة دولية أَو قبول متطوعين للذهاب إلى غزة، وشارك في تظاهرات كبرى داعمة للفلسطينيين في نيويورك؛ موقف أثار ردود فعل دبلوماسية حادة، بما فيها إجراءات قاسية من الولايات المتحدة ضده.

تصريحات بيترو ومشاركته العملية رسّخت انطباعًا بأن بعض قادة الغرب أَو أفرادًا فيه أظهروا «نخوة» أسرع من كثير من أنظمة المنطقة.

في المقابل، نرى -وبحق- استغرابًا وغضبًا في الشارع العربي من استمرار تعاون بعض الدول العربية مع كيان الاحتلال والإبادة على المستويات الاقتصادية والأمنية والاستخباراتية، رغم الجراح التي تتعرض لها غزة.

فالتطبيع والتعاون التجاري والأمني مع (إسرائيل) بعد «اتّفاقات أبراهام» لم يختفِ مع اندلاع الحرب، بل في كثير من الحالات استمرّت العلاقات تحت لافتات تجارية وسياسية؛ وهو ما جعل الفرق بين فعل الشعوب وفعل الأنظمة أكثر وضوحًا لدى مناصري القضية الفلسطينية.

والدرس الذي يفرض نفسه من مسيرة «أسطول الصمود» أن الضمير العالمي، عند لحظات الحسم، قد يتحَرّك قبل أن تتحَرّك بعض الدول، وأن الفعل المدني الدولي قادر على خلق ضغط رمزي وعملي يضع القضية الفلسطينية في واجهة الامتحان الأخلاقي والسياسي للعالم.

كما يبيّن أن التضامن الحقيقي لا يُقاس بالخطابات وحدها، بل بالأفعال: إرسال سفن، نقل مساعدات، وحماية المدنيين.

ختامًا: أسطولٌ من القوافل لا يكسر الحصار فحسب، بل يكسر أَيْـضًا الفُرقة بين الشعوب وقياداتها حين تُخيّب الآمال.

فإذا كانت بعض أنظمة المنطقة تختار مصالحها وأجنداتها، فهناك اليوم مضاعف من الصوت العالمي والشعبي الذي يقول: «غزة ليست وحدها».

وعلى الأُمَّــة أن تستخلص الدرس: التضامن بحاجة إلى عملٍ مُستمرّ، والمواقف الحقيقية تُقاس بالخطوات التي تُغيّر واقع الناس لا بالتصريحات فقط.