• العنوان:
    صامتون في قلب الصراع!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    وسط هذا الانهيار العربي، تبرز صنعاء كاستثناء لافت. تقف وحيدة في جبهة إسناد غزة، ملتزمة بالمبادئ، ومسلحة بقيادة شجاعة مجاهدة في سبيل الله.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

   

تخرج مظاهرات وحشود جماهيرية تجوب شوارع العالم؛ مِن أجلِ وقف حرب الإبادة الجماعية في غزة، تؤثر هذه الحشود على النخبة السياسية في بلدانها؛ ما يفرض تضامُنًا مع سكان غزة.

ولم يقتصر الأمر على مُجَـرّد الضغط الشعبي، بل وصل إلى أن بعض الحكام أعلنوا استعدادهم للقتال؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين، كما أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة، حين أشار إلى موقفه من القضية الفلسطينية، وتزامن ذلك مع مشاركته في مظاهرات مدينة نيويورك الأمريكية مع متظاهرين يندّدون بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق غزة ويدافعون عن القضية الفلسطينية.

بيترو لم يكتفِ بالمشاركة في الاحتجاج، بل دعا عناصر الشرطة والشعب الأمريكي في نيويورك إلى التمرد على المجرم ترامب؛ بسَببِ دعمه العسكري غير المحدود للكيان المؤقت وسياساته العنصرية.

هذا الموقف الجريء أثبت أن قادة الشعوب الحقيقية قادرون على تحويل احتجاجاتهم إلى قوة ضغط سياسية، رغم أن أمريكا – التي تتغنّى بالديمقراطية – قامت بإلغاء تأشيرته عقابًا له.

في المقابل، تظهر المفارقة الكبرى في منطقتنا العربية الواقعة في قلب الصراع مع الكيان الصهيوني، حَيثُ صمتت الأنظمة العربية وكأن القضية الفلسطينية لا تهمها.

لم يبادِروا بالتحَرّك كما فعل بيترو، وأقصى ما قدّموه كان طلب قيام دولة فلسطينية تقلّ مساحتها عن 15 % من أرض فلسطين التاريخية، ودولة منقوصة السيادة.

هذا التنازل يُضاف إلى سلسلة التنازلات العربية منذ اتّفاق أوسلو وُصُـولًا إلى المبادرة العربية للسلام، وكان من اللافت أن المبادرة العربية للسلام قد تبنّتها السعوديّة، والتي مهّدت للكيان الصهيوني الطريق للوصول إلى ما هو عليه اليوم.

وكانت المبادرة العربية في جوهرها تطالب بانسحاب الكيان الصهيوني من الأراضي التي احتلها عام 1967، لكن العرب تخلّوا عن هذا المطلب.

اليوم، يقتصر ما يطالبون به على دولة فلسطينية ناقصة السيادة والشرعية، فيما نجحت أمريكا والكيان المؤقت في تخدير الشعوب العربية والإسلامية عبر هذه المبادرة، حتى وصل الوضع الفلسطيني إلى أسوأ حالاته التاريخية.

وسط هذا الانهيار العربي، تبرز صنعاء كاستثناء لافت. تقف وحيدة في جبهة إسناد غزة، ملتزمة بالمبادئ، ومسلحة بقيادة شجاعة مجاهدة في سبيل الله.

لم يكتب التاريخ أن غزة ذُبحت من الوريد إلى الوريد بينما نحن نصطف مع الصامتين والمطبعين؛ بل سيذكر التاريخ أننا كنا في جبهة الإسناد، ثابتين على موقفنا، تحت راية قائدنا الفذ الشجاع -حفظه الله ورعاه وأدامه تاجًا على رؤوسنا-.

هذا المشهد يعكس الفرق الجوهري بين شعوب العالم التي تحَرّكت ونفّذت تأثيرها على النخب السياسية، وبين صمت الأنظمة العربية، مؤكّـدًا أن قوة الإرادَة والموقف المبدئي تصنع الفارق حتى في أحلك الظروف.