• العنوان:
    السعوديّة.. بطل وهمي في فيلم القضية الفلسطينية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    البطولة الحقيقية في هذه المرحلة لا تصنعها المؤتمرات ولا التصريحات، وإنما تصنعُها المقاومة التي ما تزال وحدَها تحمي هُويةَ فلسطين وكرامتها بإسناد يمني مُستمرّ حتى اليوم.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

        

منذُ عقود والقضية الفلسطينية تُختطف على موائد المؤتمرات والصفقات، واليوم تحاول المملكة السعوديّة أن تضع نفسها في واجهة المشهد لتكون "بطل الفيلم" في ما يُسمى بالسعي إلى الحل.

ولكن، هل هي بطولة حقيقية أم دور مرسوم ضمن سيناريو أمريكي–صهيوني مفضوح؟

إن مؤتمرَ "حَلِّ الدولتين" الذي يُروَّج له اليوم ليس أكثر من غطاء سياسي وإعلامي، يُراد من خلاله تمرير مشروع التطبيع وإضفاء الشرعية على وجود الكيان الصهيوني في كامل فلسطين..

فأي دولة فلسطينية يمكن أن تُقام والقدس محتلّة، والأرض مُمزقة بالاستيطان والجدار والحواجز؟!

إن ما يُطرح اليوم ليس سوى وهمٍ كبير، يُراد منه دفن جوهر القضية وتحويل الشعب الفلسطيني إلى مُجَـرّد سكان محاصرِين في كانتونات معزولة لا تملك قرارها ولا سيادتها.

السعوديّة –تحتَ ضغط واشنطن وتغرير الإعلام– تريدُ أن تظهرَ في ثوب "المنقذ" وصاحبة المبادرة، بينما هي في الحقيقة تدفع بالقضية إلى مربّع التسوية الخاسرة، وتفتح الباب واسعًا أمام الكيان الصهيوني للتغلغل أكثر في المنطقة العربية، سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا.

لكن السعوديّة ليست وحدَها في هذا المشهد؛ فالإماراتُ والبحرين والمغرب والسودان سبق أن فتحوا أبوابَ التطبيع العلني تحت عناوين "اتّفاقيات أبراهام"، في خيانة صريحة لدماء الشهداء ولتاريخ الأُمَّــة.

ومصر والأردن كانتا السباقة عبر اتّفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة، لتصبحا بوابةَ عبور للمشروع الصهيوني في قلب المنطقة.

أما الولاياتُ المتحدة والغرب فهم العرّابون الحقيقيون؛ فكل ما يُطرح من مبادرات ومؤتمرات إنما يُدار من واشنطن ولندن وباريس، والهدف النهائي واحد: تمكين العدوّ الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية من جذورها.

وحتى السلطة الفلسطينية – التي كان يفترض أن تكون حامية للحقوق – تحولت إلى أدَاة في هذا المسار عبر تمسكها بخطاب المفاوضات العقيم الذي لم يحقّق شيئًا سوى المزيد من التنازلات.

المفارقة أن البطولة الحقيقية في هذه المرحلة لا يصنعها المؤتمرات ولا التصريحات، وإنما تصنعها المقاومة التي ما تزال وحدها تحمي هُوية فلسطين وكرامتها بإسناد يمني مُستمرّ حتى اليوم.

أما من يرفع شعار "حل الدولتين" اليوم فهو لا يفعل سوى المساهمة في شرعنة الاحتلال وتكريس الهزيمة.

لقد أصبح واضحًا أن ما يُراد تسويقه ليس حلًّا بقدر ما هو إعادة إنتاج للهزيمة بوجه جديد، يُعطي العدوّ الصهيوني المزيد من الوقت والغطاء لابتلاع ما تبقى من فلسطين.

والأنظمة التي تتدثر بعباءة "السلام" ليست إلا واجهة ناعمة لمشروع استعماري قديم متجدد.

والرهان على هذه المبادرات ليس سوى رهان خاسر؛ لأَنَّ شعوب الأُمَّــة لا تزال تدرك أن فلسطين لا تُسترد إلا بالإرادَة والمقاومة، لا عبر طاولات الخداع ولا مؤتمرات المساومة.

إن الأُمَّــة أمام لحظة مفصلية: إما أن تُسقط هذا السيناريو الوهمي وتتمسك بخيار المقاومة والوحدة، أَو تستسلم لمشهد هزلي عنوانه "سلام" وباطنه خيانة وتمكين للعدو من الأرض كلّها.