• العنوان:
    مكر غربي.. وقف إبادة باعتراف على ورق!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    لو كانت الغاية الحقيقية حماية الفلسطينيين، لكان الإجراء الأول: وقف المجزرة، قبل أية كلمة على الورق. أما الاعتراف النظري بالدولة فهو مُجَـرّد ستار إعلامي، يخلق وَهْمَ التقدّم، بينما الواقع الدموي في غزة يصرخ بلا توقف.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

     

إذا زُلزلت غزة زلزالها.. هل رأيتم الأرض وهي تتزلزل تحت أقدام الناس؟ هل شاهدتم كيف تُطحن الحجارة وتتحول البيوت رمادًا؟ كأن الأرض أخرجت أثقالها، وكأن صرخات الأطفال تقول: ما لها؟ غزة اليوم تعيش مشهدًا يشبه النفخ في الصور، حَيثُ لا نوم ولا سكينة، بل رجفة تهز الأرواح كما لو أن الساعة قد قامت.

عربات الموت، تلك المجنزرات المفخخّة، تقتحم الأزقةَ وتدهس الحياة، فتسحق الأجساد كما يُسحق الطين اليابس تحت المطر.

نار تتساقط من السماء، لهبها كحمم جهنم، تشوي البشر والحجر، والأنفاس تُختطف كما في يوم الفزع الأكبر.

كأننا في يوم الحسرة، حَيثُ لا يجد الأب ابنه، ولا تستطيع الأم احتضان وليدها.

كأننا في يوم الندامة، حَيثُ يهرب الناس ولا يجدون ملجأ، والسماء تمطر قذائف لا مطرها رحمة ولا سحابها حياة.

غزة لم تعرف طعمًا للنوم؛ أصوات الانفجارات تلاحقها في الليل والنهار، كأن المنادي نادى: اقتربت الساعة وانشق القمر.

هي قيامة مصغّرة على هذه الأرض، حَيثُ تُسحق النفوس سحقًا، ويُطحن العمر طحنًا، لكن وسط هذا الجحيم تبقى غزة شامخة، تصرخ في وجه العالم: هل من شهيد يشهد؟ هل من إنسان ينهض؟

وفي الوقت نفسه، وبعد أن أصبح الكيان الإسرائيلي مجرمًا في نظر العالم، جاءت الخطوات الغربية لتغطي على هذه المأساة: الاعتراف بدولة فلسطينية على الورق.

خطوة قانونية تبدو تاريخية، لكنها في الواقع دهاء استراتيجي بحت، نموذج من إدارة أزمة بأزمة لتشتيت الانتباه عن المجزرة الجارية على الأرض.

لو كانت الغاية الحقيقية حماية الفلسطينيين، لكان الإجراء الأول: وقف المجزرة فورًا، قبل أية كلمة على الورق.

أما الاعتراف النظري بالدولة فهو مُجَـرّد ستار إعلامي، يخلق وَهْمَ التقدّم، بينما الواقع الدموي في غزة يصرخ بلا توقف.

الحديث عن حَـلّ الدولتين أَو الاعتراف بالدولة يجب أن يكون صادقًا وواقعيًا: حدود الدولة، عاصمتها، سيادتها، حق تقرير المصير، وحق العودة لكل أهلها.

دون ذلك، تصبح هذه الألفاظ مُجَـرّد شعارات جوفاء يمكن تنفيذها على جزء من غزة، أَو جزء من الأردن، أَو مصر، أَو حتى في المريخ، ويسمونها "دولة فلسطين"!

الغرب يراهن على الورق والقوانين، بينما غزة يرتقي أبناؤها تحت صواريخ ومجنزرات الاحتلال، وكل يوم يمر يثبت أن السياسة أحيانًا تفضّل الستار القانوني على حياة البشر، والمصالح على العدالة، والاستعراض على الحقيقة.

في نهاية المطاف، تبقى غزة صامدة، صرختها تتحدى كُـلّ الدهاء الاستراتيجي: الاعتراف النظري لن يوقف القتل، ولن يحمي الأطفال، ولن يعيد البيوت المهدّمة، لكنه يكشف نفاق العالم وسياسة إدارة الأزمات بدل حلها.