• العنوان:
    مقارنة بين ثورة الشعب اليمني و"ثورة" سوريا
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    مقارنة بسيطة بين اليمن وسوريا تكشف الفارق بين ثورة حقيقية صنعتها إرادَة الشعوب، وبين حراك مزيف وظّفته قوى الاستكبار.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

      

حين نقارن بين ثورة الشعب اليمني في 21 سبتمبر وثورة ما يسمى بالمعارضة السورية، نكتشف الفارق الجوهري بين ثورة أصيلة قادها الشعب اليمني؛ مِن أجلِ التحرّر والاستقلال والسيادة، وبين حراك تحوّل إلى أدَاة بيد الغزاة والمحتلّين، فباع الوطن وأضاع كرامة الشعب السوري.

لقد خرج اليمنيون في 21 سبتمبر ضد نظام عميل ارتبط بالولايات المتحدة الأمريكية والسعوديّة والإمارات -نظام صادر القرار الوطني اليمني لعقود طويلة، وحوّل الجيش اليمني إلى جيش عائلي تتحكم به السفارات الأجنبية وتحَرّكه واشنطن والرياض وأبوظبي لقمع الأحرار وإخماد أي صوت يطالب بالحرية-.

فجاءت الثورة لتعيد للجيش عقيدته الوطنية، فصار جيشًا مقاومًا يقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي والسعوديّ والإماراتي، جيشًا يحمي أرضه وشعبه ووطنه، ويضع نفسه في قلب معركة الأُمَّــة الإسلامية ضد الصهاينة والمستكبرين.

أما في سوريا، فقد كانت الصورة مختلفة تمامًا.

النظام السوري السابق كان من أفخر الأنظمة العربية مقارعةً للسياسة الأمريكية والإسرائيلية، وكان أكثر الأنظمة العربية دعمًا للمقاومة، احتضن فصائلها، وفتح لها أبواب دمشق، ووقف موقفًا مشرفًا حين تخلّت أنظمة أُخرى عن دورها.

كما كان الشعب السوري في تلك الحقبة من الشعوب العربية القليلة التي عاشت حالة اكتفاء ذاتي اقتصاديًّا، لم يحتج أن يمد يده للغير، وكان يمتلك مقومات الصمود في وجه أي حصار أَو تهديد.

لكن ما سُمّي بالثورة السورية حوّل كُـلّ تلك المكتسبات إلى نكبة.

لقد استغلها الغزاة وحوّلوها إلى وسيلة لتمرير أجنداتهم.

بدل أن تكون ثورة ضد الفساد والاستبداد، صارت أدَاة لتفكيك سوريا وضرب استقلالها، وجعلت الشعب السوري عاجزًا حتى عن الرد على الضربات الإسرائيلية والأمريكية.

بل إن الجيش السوري -الذي كان يومًا ما يُلقب بالجيش العربي السوري المقاوم- أصبح في واقعه المرير الحالي أدَاة بيد عصابات الجولاني وأشباهه، يخدم أجندة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر أَو غير مباشر.

وبدل أن يكون درعًا يحمي الوطن صار سيفًا مسلطًا على الأحرار من أبناء الشعب السوري.

إن مقارنة بسيطة بين اليمن وسوريا تكشف الفارق بين ثورة حقيقية صنعتها إرادَة الشعوب، وبين حراك مزيف وظّفته قوى الاستكبار.

ففي اليمن صار الشعب سيد قراره، وأعاد بناء دولته المستقلة، وواجه العالم بأسره في سبيل عزته وكرامته، بينما في سوريا تم بيع الوطن في سوق النخاسة الدولية، وصار بعض من يدّعون الثورة يتحدثون جهارًا عن التهدئة مع (إسرائيل)، وعن إيجاد وسائل  للعيش المشترك  معها، في خيانة ما بعدها خيانة، وتفريط بما بذله الشعب السوري سابقًا من تضحيات.

ولعل أخطر ما في المقارنة أن ثورة 21 سبتمبر جعلت اليمنيين يستمدون قوتهم من هُويتهم الإيمانية ومن مبادئهم الإسلامية الأصيلة، تحت قيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي جسّد النموذج العربي الأصيل المقاوم والمعتز بهُويته، بينما في سوريا تم الالتفاف على مقاومة العقود الماضية، وتمت تصفية مكتسبات الأُمَّــة هناك لصالح مشروع أمريكي صهيوني واضح المعالم.

وهكذا يظهر أن الفارق بين الثورتين ليس مُجَـرّد فارق سياسي، بل فارق في العقيدة والجوهر: ثورة اليمن أعادت الاعتبار لمفهوم المقاومة والكرامة والسيادة، بينما ما يسمى بالثورة السورية أضاع تلك القيم، وحوّل سوريا إلى ساحة صراع بين أعداء الأُمَّــة، بلا مشروع وطني جامع ولا هُوية مستقلة تحميها.