• العنوان:
    هكذا تحوّلت الجماعات (الإسلامية) إلى فخٍّ أمريكي!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    تماهي الجماعات (الإسلامية) مع الموقف الرسمي العربي هو ما طمأن نتنياهو ومنحه شيكًا على بياض ليمارس في غزة ما يشاء من عدوان. وشِدَّةُ خُصومتها مع محور المقاومة أزالت ما تبقى من مخاوف لدى (إسرائيل) من احتمال توحّد الأُمَّــة كرد فعل على جرائمها.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

                    

طُرح سؤالٌ على سعد الفقيه [ناشط سعودي]: لو كنتُ مكان الشرع، هل ستفتح جبهة لتساعدَ غزة؟

فجاء ردُّه بالنفي؛ بحُجّـةِ عدم الاستطاعة، مستشهدًا بعدم تدخل الرسول -صلى الله عليه وآله- لإنقاذ المؤمنين في مكة حينما كان في المدينة.

وهكذا أصبح خِذلان أهل غزة واجبًا شرعيًّا يجبُ على المسلمين الالتزامُ به؛ حفاظًا على سلامتهم، وبفتوى شرعية.

الخطورة تكمُنُ في أن الفقيه لا يعبّرُ عن موقفه الشخصي فحسب، بل يجسِّدُ أَيْـضًا موقف قادة ومفكري الجماعات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، الذين تسابقوا لنصح الجولاني بخِذلان غزة، بل وسخّروا خطابَهم الإعلامي لتبرير صمته أمام الاستباحة الإسرائيلية لسوريا.

إن تماهي تلك الجماعات مع الموقف الرسمي العربي هو ما طمأن نتنياهو ومنحه شيكًا على بياض ليمارس في غزة ما يشاء من عدوان.

يضاف إلى ذلك أن شدة خصومتها مع محور المقاومة أزالت ما تبقى من مخاوف لدى (إسرائيل) من احتمال توحّد الأُمَّــة كرد فعل على جرائمها.

المفارقة أن موقف هذه الجماعات تغيّر بالكامل بمُجَـرّد وصولها إلى السلطة في سوريا وأصبح لها حدود مع فلسطين، مع أنها طالما ندّدت بصمت الأنظمة العربية، بل وهاجمت محور المقاومة نفسه على تقصيره.

وإذا قُدّر لها الوصول إلى السلطة في مصر أَو السعوديّة أَو الأردن أَو الإمارات فلن يختلف موقفها، أما إذَا وصلت إلى السلطة في اليمن فسيكون أول احتفال لها هو بإسقاط آخر جبهة مساندة لغزة، تحت ذريعة "قطع يد إيران" في المنطقة.

لكن ما يثير الاستغراب أكثرَ هو غيابُ أية انشقاقات أَو اعتراضات من أتباع هذه الجماعات، على عكس ما فعلوه عندما أعادت حماس علاقاتها مع إيران وحزب الله.

وهذا يثبت أن خضوعَها لـ (إسرائيل) لا يعبِّرُ عن تغيُّر طارئ في مواقفها، بل يعبِّر عن أصالته، وأن خطاباتها السابقة لم تكن سوى تكتيكات إعلامية للمزايدة على الخصوم وخداع الناس.

ولهذا نرى أن أتباعها يصدّقون بسهولة المزاعم التي تنفي وجود عداوة بيننا وبين أمريكا أَو (إسرائيل)، وأن الحرب الدائرة مُجَـرّد مسرحية لخداع الشعوب؛ لأَنَّهم ببساطة ينظرون لنا بعين طباعهم.

كل ذلك يطرح السؤال التالي: لماذا تصر الجماعات الإسلامية على خوض الحروب الداخلية التي تُزهق أرواح الملايين وتسمّيها "واجبًا جهاديًا"، بينما حين يتعلق الأمر بمواجهة (إسرائيل) نصرةً لأهل غزة، يصبح خِذلانهم وقتال من يناصرهم هو "الواجب الشرعي"؟

وهذا يقودنا إلى السؤال الجوهري والمصيري الذي يجب على كُـلّ أبناء الأُمَّــة الإسلامية التفكير فيه: كيف تمكّنت بريطانيا وأمريكا من صهينة الجماعات الإسلامية وتحريكها بما يخدم مصالحهما؟

لقد أدرك أعداء الأُمَّــة منذ وقت مبكر أن الإسلام يشكل حاجزًا أمام أطماعهم.

حتى في أوقات ضعف المسلمين، فَــإنَّ أي غزو عسكري أَو ثقافي يوقظ في الأُمَّــة روح الجهاد والمقاومة.

لذلك سعى هؤلاء الأعداء لضرب الإسلام من الداخل، عبر خلق الظروف الملائمة لنمو حركات إسلامية منحرفة يسهل اختراقها وتطويعها، لتصبح فخًا يتيح لهم احتكار أي تحَرّك إسلامي.

استنادًا إلى الدراسات الميدانية التي أجراها المستشرقون الأوائل في العالم الإسلامي، أدرك البريطانيون مبكرًا أهميّة الحركة الوهَّـابية الناشئة كأدَاة لضرب المسلمين من الداخل.

لذلك قاموا بدعمها عسكريًّا وماليًّا حتى استولت على الحرمين الشريفين، ثم وفروا لها الغطاء السياسي لنشر فكرها في أرجاء العالم الإسلامي على حساب بقية المذاهب.

ومن خلال الفكر الوهَّـابي، استطاعت الصهيونية العالمية صهينة الجماعات الإسلامية وتحويل بُوصلة عدائها لتستهدف كُـلّ خصومها، بدءًا بالاتّحاد السوفيتي، مُرورًا بالصين والهند وروسيا، وانتهاء بمحور المقاومة.

لذلك نلاحظ أن ما يجمع الجماعات الإسلامية المتصهينة ويميزها عن غيرها هو تأثرها بالفكر الوهَّـابي.

وهكذا وجّهت بريطانيا وأمريكا المسلمين نحو خيارَينِ كلاهما مرّ: إما أن يصبحوا ضحية لغزوها الثقافي ويقبلوا هيمنتها، أَو أن يقَعوا في فخ الجماعات الإسلامية المتأثرة بالوهَّـابية، فيقاتلون كُـلّ من يعارض هذه الهيمنة.

رغم وضوح انحراف الحركة الوهَّـابية بتطرفها، وكثرة جرائمها، وتحالفها مع أعداء الأُمَّــة، ورغم النصوص القرآنية والنبوية التي وصفتها بـ"قرن الشيطان" ووصفت أتباعها بأشد الناس كفرًا ونفاقًا، إلا أن المسلمين تجاهلوا كُـلّ ذلك، وما تجاهله المسلمون فطن له أعداؤهم.