من المستشفيات والمطارات إلى محطات الكهرباء وشبكات الاتصالات، لم تعد أي منشأة بعيدة عن خطر الاختراق السريع. تشير تقارير أمنية دولية إلى أن ما كان يستغرق في الماضي شهورًا لإتمام هجوم إلكتروني، أصبح اليوم ممكنًا خلال دقائق بفضل الذكاء الصناعي، الذي يوفر القدرة على تنفيذ عمليات معقدة بسرعة فائقة ودقة عالية.

[

🔵 الأمن السيبراني | تطور الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي #نوافذ #الأمن_السيبراني pic.twitter.com/eBjjZmUNla

— قناة المسيرة (@TvAlmasirah) September 20, 2025

]

وتشير بيانات الاتحاد الأوروبي لعام 2024م، إلى أن نصف الهجمات الكبرى استهدفت منشآت حيوية مثل المستشفيات وشبكات الطاقة، ما يؤكد أن الهجمات السيبرانية لم تعد تهديدًا نظريًا بل واقعًا يطال حياة المواطنين يوميًا.

في عام 2025م، حذّر مدير وكالة الأمن الأمريكية من أن سرعة تطور الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الصناعي تتفوق على قدرات الدفاع الحالية، ما يعني أن احتمالية وقوع أزمات كبيرة تتزايد عامًا بعد آخر.

في حديثه لقناة "المسيرة" ضمن نافذة الأمن السيبراني، اليوم، أوضح الخبير في الاتصالات والأمن السيبراني والذكاء الصناعي، وائل كركي أن تطور هذه الهجمات غير قواعد اللعبة تمامًا".

وأشار الخبير كركي إلى أن الهجمات التي كانت تعتمد على العمل اليدوي، أصبح بإمكان الذكاء الصناعي تنفيذها بسرعة البرق، بما يجعل أي نظام أو مدينة معرضة للخطر خلال دقائق، سواء كانت المستشفيات، المطارات، أو شبكات الكهرباء والاتصالات."

وأكد أن البرمجيات الخبيثة المتحركة أصبحت أكثر مرونة، فهي تتكيف لحظة بلحظة لتفادي أنظمة الحماية التقليدية، وتغير منهجيتها بشكل مستمر، مما يجعل الدفاع السيبراني التقليدي عاجزًا عن التصدي لها في الوقت المناسب.

 وأضاف: "الذكاء الصناعي يسمح للمهاجم الواحد بأن يمتلك قوة هجوم تعادل جيشًا كاملًا من الخوادم والبرمجيات، مما يزيد قدرة الاختراق بشكل غير مسبوق، سواء كان الهدف التجسس أو التخريب أو تعطيل الحياة اليومية."

وأشار إلى أن الهجمات السيبرانية لم تعد مجرد تهديد افتراضي، بل أصبحت واقعًا ملموسًا: "ففي في الصين، استهدفت مجموعة "تايفون" شركات اتصالات أمريكية في 2024م، وفي 2025م، ارتفعت هجمات التصيد الإلكتروني عالميًا بنسبة 100%، وشهدت بريطانيا أكثر من 2000 هجوم فدية مدعوم بالذكاء الصناعي خلال نفس العام".

وحذر من السيناريوهات المستقبلية المحتملة، والتي تشمل انقطاع شبكات الكهرباء والاتصالات، تعطيل شبكات الطيران، وتعطيل المدن بالكامل في ثوانٍ معدودة، مؤكّدًا أن النتائج قد تكون أكثر تدميرًا من أي حرب تقليدية:

وقال "إذا تركنا الذكاء الصناعي يعمل دون إشراف بشري، سنصل إلى مرحلة يكون فيها الخلل التقني سببًا مباشرًا في فقدان حياة المواطنين وتعطيل حياة المدن."

وعن استخدام الذكاء الصناعي في الدفاع السيبراني، أشار إلى أن الحلول التقليدية لم تعد كافية، وأن الدول بحاجة إلى تطوير سياسات وقوانين صارمة لضبط استخدام هذه التقنيات: "على كل دولة أن تبني شبكة اتصالات متطورة، وخوارزميات حمائية مرنة، لتواكب سرعة الهجمات المتغيرة، مشيراً إلى أن  الفارق بين الهجوم والدفاع الآن يعتمد على مدى استثمار الدولة للأدوات التقنية المتقدمة، وليس فقط على القدرات البشرية."

ولفت إلى الجانب الأخلاقي الهام في استخدام الذكاء الصناعي: "لا يمكن ترك الذكاء الصناعي ليقرر وحده، يجب أن يكون هناك إشراف بشري لضمان عدم استخدام الروبوتات والبرمجيات لأغراض قتل أو تخريب دون رقابة."

وأكد أن السباق العالمي بين الهجوم والدفاع السيبراني مستمر، وأن المجتمع الدولي بحاجة عاجلة إلى وضع أطر قانونية واضحة لضبط الخوارزميات وحماية المواطنين من حروب صامتة تدور في الفضاء الرقمي، محذرًا من أن أي تأخير في تطوير الدفاعات يمكن أن يجعل المدن والبنى التحتية والمواطنين عرضة لخطر كبير وغير مسبوق.

وشدد كركي بالقول: "العالم بأسره على مفترق طرق بين إدارة التكنولوجيا بشكل أخلاقي وآمن، وبين السماح للذكاء الصناعي بالتحكم في حياتنا اليومية، متابعاً "الخطأ الواحد في خوارزمية قد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة كاملة، أو تعطيل شبكات الطيران، أو حدوث كارثة في أحد المستشفيات، و كل دولة بحاجة اليوم لوضع سياسات متقدمة تحمي بنيتها التحتية وأفرادها قبل فوات الأوان."