• العنوان:
    سقف القمة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    يتوجَّب على السعوديّة وغيرها من الدول العربية والإسلامية التي فتحت مجالَها الجوي أمام طيران الكَيان الصهيوني أن تعمل على إغلاقِه فورًا، ووقف أي تعاون أَو تعامل بريّ أَو بحري مع هذا الكيان المجرم من جانب جميع دول القمة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

كثيرةٌ هي الاجتماعاتُ والتجمُّعاتُ العربية والإسلامية التي تضمّ رؤساء الدول والحكومات؛ تلك الاجتماعات والتجمّعات الموصوفة بأنها قممٌ انعقدت إما بشكلٍ دوريٍّ أَو بشكلٍ استثنائي لمواجهة تحديات ومخاطر داخلية أَو خارجية دائمة أَو طارئة.

والملاحظ اتّصاف مخرجات القمم العربية بالحزم والشّدّة والعنف إذَا كانت متعلقة بمشاكل أَو تحديات داخلية، والضعف الشديد إذَا كانت متعلقة بتحديات خارجية؛ إذ تكتفي تلك القمم بمطالبة المجتمع الدولي بالتدخّل، وبالإدانة في أحسن الأحوال.

ويعدّ الكيان الصهيوني أخطر تحدٍّ للشعوب العربية ولما تعقده حكوماتها من قمم، حَيثُ وقفت أنظمة الدول العربية عاجزةً تمامًا أمام هذا التحدّي السافر. ولم يقف الأمر عند حَــدّ العجز عن اتِّخاذ موقف عملي في مواجهة عربدة الكيان الصهيوني، بل تجاوز واقع أغلب أنظمة الشعوب العربية الخِذلان لأبناء الشعب الفلسطيني إلى التآمر عليهم والوقوف إلى جانب الكيان الصهيوني ضد مقاومتهم له!

وينطبق ذات الوصف على القمم الإسلامية التي لم تتعدَّ مخرجاتُها بياناتِ الشجب والتنديد ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخّل، وكأنّ سبعًا وخمسين دولةً هي قوام القمم الإسلامية لا تمثّل مجتمعًا دوليًّا أَو أنه ليس لها تأثير في المجتمع الدولي؛ فتكتفي بمناشدة المجتمع الدولي بالتدخّل، رغم كونها من حَيثُ العدد أكبر تجمع دولي بعد منظمة الأمم المتحدة.

ومع ذلك اتّصفت مخرجات القمم الإسلامية بشأن العربدة الصهيونية بالضعف الشديد فلا تتجاوز - كما ذكرنا آنفًا - بيانات التنديد والشجب والمناشدة للمجتمع الدولي بالتدخّل، ولا يختلف حال بعض الأنظمة الحاكمة في البلدان الإسلامية عن حال نظيراتها العربية من حَيثُ التخاذل والتآمر على المقاومة الإسلامية والتعاون مع الكيان الصهيوني ضدها.

وبسبب الاعتبارات والحسابات الخَاصَّة والخاطئة لدى بعض الدول العربية والإسلامية أتت مخرجات قممها المتعددة سلبيةً، غير منسجمة مع وصف تلك الاجتماعات والتجمّعات بالقمم؛ فالقمة من حَيثُ الأصل ومن حَيثُ المسمّى والوصف لا يصدر عنها إلا ما يناسبها من إجراءات عملية في مواجهة التحديات.

ولا يصح مطلقًا أن يصدر عن مسمّى القمة ما يعدّ ضعفًا وجبنًا وهوانًا لا يصدر مثله عن من هم في القعر أَو الوحل أَو المستنقع؛ ناهيك أن يصدر مثلُ ذلك عن من يتربّعون على القمّة في مواجهة عدوّهم!

والمؤسف أن ذلك هو حالُ القمم العربية والإسلامية اسمًا على غير مسمّى ووصفًا لا يتطابق مع الواقع، والأقربُ إلى مسمى القمم الإسلامية قمة الرياض وقمة البحرين بشأن التحدّي الصهيوني لشعوب الأُمَّــةِ الإسلامية ولقيمها ومقدَّساتها.

ولعلّ أخطرَ التحديات الصهيونية للأُمَّـة هو التحدّي الراهن؛ فأبناءُ غزة يتعرّضون منذُ ما يقربُ من عامَينِ لجريمة إبادة جماعية وبنيان غزة للتدمير الشامل على مرأى ومسمع من الدول الإسلامية؛ بهَدفِ التهجير القسري لمن تبقّى من أبناء الشعب الفلسطيني؛ ويتعرّض المسجد الأقصى في ذات الوقت لأبشع الانتهاكات بشكل صارخٍ علني ومباشر.

ويتزامن هذا التحدّي الصهيوني الوقح مع انعقاد قمة الدول الإسلامية في الدوحة، العاصمة القطرية التي تعرّضت حديثًا لهجوم صهيوني انتهك سيادة هذا البلد كما سبق انتهاك سيادة غيره من البلدان العربية. ولخصوصية وضع قطر بوصفها أحد أهم الدول الخليجية النفطية، تداعى المجتمع الإسلاميّ عربيًّا وغير عربيّ لعقد قمة طارئة في الدوحة لمناقشة جريمة العدوان الصهيوني في التاسع من سبتمبر الجاري.

ورغـم أن ما جرى ويجري في قطاع غزة أدعى لتداعي الدولِ الإسلامية عربيًّا وغير عربيٍّ؛ باعتبَار أن أهل غزة مظلومون مستضعَفون والله -سُبحانَه وَتَعَالَى- أمر بنصرة المستضعفين بقوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ).

وفي كُـلّ الأحوال، وبغضّ النظر عن سبب تداعي الدول الإسلامية لعقد قمة طارئة في الدوحة، فالمهمّ هو سقف هذه القمة؛ فإذا ما كان -في ظلّ الظروف الحرجة التي تمرّ بها الأُمَّــة في الوقت الراهن- هو ذاته السقف المعتاد للقمم السابقة، الذي لا يتجاوز بيانات التنديد والإدانة والرفض والمناشدة، فَـإنَّ العواقب ستكون وخيمةً على شعوب الأُمَّــة الإسلامية، وسيزداد الكيان الصهيوني تنمُّرًا، وسيطال عدوانه جميع الدول العربية والإسلامية دون استثناء.

وما لم تقلع دول القمة عن الاعتبارات والحسابات الخَاصَّة وتتعاطى بواقعية وموضوعية مع الوضع الراهن، وتدرك خطورة المرحلة، وتستفيد من الفرصة التي وفرها لها الكيان الصهيوني بأحدث عدوان له على دولة قطر، فعلى دول القمة أن تنتظر الأسوأ.

وليس هناك فرصة متاحة أكثر مما هي عليه اليوم أمام دول القمة لمعاقبة الكيان الصهيوني وفرض عزلته الشاملة؛ فإذا كانت مصر والأردن والإمارات والبحرين وتركيا تملك جميعها إرادَة وشرفًا، فواجبها طرد سفراء الكيان الصهيوني واستدعاء سفرائها لدى الكيان المجرم وقطع علاقاتها معه في مختلف المجالات.

ويتوجب على السعوديّة وغيرها من الدول العربية والإسلامية التي فتحت مجالها الجوي أمام طيران الكيان الصهيوني أن تعمل على إغلاقه فورًا، ووقف أي تعاون أَو تعامل بريّ أَو بحري مع هذا الكيان المجرم من جانب جميع دول القمة.

وعلى دول القمة أن تضع في اعتبارها أمرًا مهمًّا وهو تحدّي شركاء الكيان الصهيوني وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية التي أوفدت في هذا التوقيت الحساس وزير خارجيتها المجرم روبيو إلى الكيان الصهيوني ليرفع في وجه دول القمة عنوانًا عريضًا مفادُه أن الإدارة الأمريكية إلى جانب الكيان الصهيوني في مواجهة مخرجات قمة الدوحة!

وهو ما يعني أن على دول القمة أن يكون ضمن طبقات سقفها اتِّخاذ إجراء جماعي موحّد في مواجهة الإدارة الأمريكية إذَا ما أصرت على شراكتها مع الكيان الصهيوني في جريمة الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإسناد هذا الكيان المجرم في تنمّره على دول المنطقة.