• العنوان:
    ردع أم استباحة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    تتجه الأنظارُ غدًا إلى القمة العربية الطارئة، في ظل تصعيد صهيوني غير مسبوق يضع المنطقة بأسرها أمام اختبار حقيقي. لم تعد البيانات والإدانات وحدها كافية؛ فالعدوّ يقرأ الصمت والخطابات الرنانة على أنها ضوء أخضر لمزيد من التمدد والاستباحة، خُصُوصًا لدول الخليج التي تبدو اليوم هدفًا مباشرًا لتجارب الاحتلال التوسعية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

التغاضي عن التصعيدات الإسرائيلية لن يؤدِّيَ إلا إلى تعزيز الغطرسة والانتهاكات. والقمة المقبلة، وُصفت بحق بأنها "المصد الأخير"، فهي الفرصة الأخيرة أمام العرب لتحويل المواقف من شعارات إلى خطوات عملية تُرسي قواعد الردع وتحفظ الكرامة والسيادة.

على مر العقود، كانت القمم العربية غالبًا منصة للإدانات السياسية والشعارات، دون آليات تنفيذية حقيقية. في قمة الخرطوم 1967، أعلن العرب "لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض" بعد هزيمة يونيو، لكن غياب التنفيذ جعل الموقف بلا تأثير مباشر على الأرض. وفي قمة بيروت 2002، حاول القادة توحيد الموقف ضد الاجتياحات الإسرائيلية، إلا أن الانقسامات الداخلية قلّصت فعالية القرارات. أما في قمة الرياض 2017، فقد ركز العرب على التضامن السياسي والدعم المالي، لكن البيانات الرمزية لم توقف التوسع الصهيوني. تاريخ هذه القمم يوضح أن الكلمات وحدها لا تكفي، وأن الردع الحقيقي يحتاج إلى أدوات عملية ملموسة.

العدوان الحالي ليس مُجَـرّد تهديد لدولة بعينها، بل رسالة واضحة أن المشروع التوسعي للاحتلال لا يعترف بالحدود. القمة العربية أمام خيارَين: إما خطوات عملية وموحدة لردع الاحتلال، أَو الاكتفاء بالكلمات، مما يمنح العدوّ فرصة للتوسع، ويترك الغد يُكتب بمداد الخذلان. أدوات الردع الممكنة تشمل توحيد الخطاب العربي لإيصال رسالة واضحة أن أي اعتداء على دولة عربية هو اعتداء على الجميع، واستثمار القوة المالية والنفطية لضغط داعمي الاحتلال، وتعزيز الحضور العربي في المحافل الدولية وفرض حصار سياسي على الاحتلال، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدفاعي والاستخباراتي بين الدول العربية لتشكيل شبكة رادعة لأي اعتداء.

القمة ليست مُجَـرّد اجتماع بروتوكولي، بل لحظة فاصلة تحدّد مصير المنطقة ومستقبل مكانة العرب. إذَا خرج القادة بقرارات حازمة، فقد تشكل نقطة تحول تحفظ الهيبة والكرامة، وتوقف طموحات الاحتلال التوسعية. أما إذَا اكتفت بالكلمات، فإنها ستسجل صفحة جديدة من الخذلان والانكسار، وسيستمر الاحتلال في اختبارات القوة دون رادع. إنها لحظة الحقيقة: إما أن يثبت القادة أن السيادة والكرامة خطوط حمراء، أَو أن يتركوا الغد يُكتب بمزيد من التنازل والاستباحة.