• العنوان:
    حشود المولد.. إعلانُ اليمن للتفويض والردع
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في يوم المولد النبوي الشريف، تحولت الساحات اليمنية إلى سيول بشرية متدفقة، تسير في اتّجاه واحد، بقلوب موحدة وأصوات تعلو في سماء واحدة. ملايين اليمنيين خرجوا ليحيوا ذكرى مولد خير البشر محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، ويكتبوا صفحة جديدة في تاريخ الصمود والمواجهة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

ذلك الحشد العظيم كان بحد ذاته إعلانًا بليغًا عن حقيقة المشهد اليمني. لقد فضح حجم المرتزِقة الذين حاولوا على مدى سنوات أن يقدموا أنفسهم للعالم؛ باعتبَارهم ممثلين للشعب اليمني، بينما لم يظهر لهم في الميدان سوى فراغ الصمت وعجز الحضور. في المقابل، كشفت الساحات عن حجم حكومة صنعاء، وعن مدى الالتفاف الشعبي حولها، وكيف أصبحت عنوانًا للثبات والقرار المستقل، وقبلة للجماهير التي ترى فيها الامتداد الطبيعي لرسالة النبي ومشروع الحق.

لم يكن الخروج مُجَـرّد حضور جماعي عفوي، بل كان بمثابة تفويض جماهيري واسع للقيادة في صنعاء، أن تتخذ ما تراه مناسبًا من قرارات في مواجهة الأعداء. كُـلّ هتاف كان بيعة، كُـلّ يد مرفوعة كانت توقيعًا على وثيقة صمود، كُـلّ خطوة في الساحات كانت صرخة تقول: نحن معكم في كُـلّ موقف، نحن ندعمكم في كُـلّ معركة، ونحن نفوِّضُكم لتقرّروا عنّا في وجه الاستكبار والصهيونية وأذنابهم.

وما رآه الأعداء في هذا المشهد لم يكن أقل من زلزال. الكيان الصهيوني، وهو يتابع تلك الحشود، أدرك أن اليمنيين لم يعودوا محاصرين داخل حدودهم، بل إن أنفاسهم تتردّد في قلب فلسطين، ورسائلهم تصل إلى تل أبيب مباشرة. لقد أيقن الصهاينة أن اليمن اليوم رقم صعب في معادلة المواجهة، وأن أية خطوة تصعيد يقدمون عليها ضد اليمن أَو فلسطين ستقابلها موجات من الردع الشعبي والسياسي والعسكري، وأن عليهم أن يحسبوا لكل قرار ألف حساب قبل أن يقدموا عليه.

الحشود لم تزرع الرعب في نفوس الصهاينة فقط، بل أربكت كُـلّ من راهن على هزيمة اليمنيين من قوى العدوان الإقليمية والدولية. كانت الرسالة واضحة: رغم الجراح، رغم الحصار، رغم القصف والحروب، اليمن ما يزال قادرًا على أن يملأ الساحات بإيمان لا ينكسر، وبصوت لا يخفت، وبروح جماعية تقف شامخة في وجه كُـلّ الطغاة.

لقد تجاوز المشهد كُـلّ معنى للاحتفال، وتحوّل إلى استفتاء شعبي واسع، قال فيه اليمنيون كلمتهم بوضوح: نحن مع النبي محمد صلى الله عليه وآله، نحن مع فلسطين، نحن مع المقاومة، ونحن مع القيادة التي أثبتت أنها على درب الحق ثابتة لا تساوم ولا تنكسر. لم يكن احتفالًا زمنيًّا، بل لوحة تاريخية، أيقونة خالدة من الصمود والعزة، ستبقى عالقة في ذاكرة الأجيال.

وهكذا، كانت ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام مناسبة بحجم الأُمَّــةِ، بحجم الرسالة، وبحجم المعركة الكبرى مع قوى الطغيان. إنها لحظة يتوقف عندها التاريخ، ليشهد أن هذا الشعب خرج ليعلن وفاءه للنبي، وتفويضه لقيادته، وإصراره على أن يواصل الطريق حتى يتحقّق النصر، مهما طال الزمن، ومهما اشتدت التحديات.


تغطيات