• العنوان:
    غزة.. والضمير الإنساني المفقود
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    حربٌ، حصارٌ، إبادة جماعية، في مواجهةٍ غير متكافئة في العدد والعدّة. وبين حرب التجويع وصمت الوَفرة، في قضيةٍ لا يختلف اثنان على أحقيتها، ولا يقف فيها الضمير الحر موقف الحياد، فضلًا عن أن يكون مشاركًا أَو رقمًا في معادلة هذه الحرب؛ يتجلّى للعيان موت الضمير الإنساني، من صحوته!
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

صمتٌ وتخاذل، عمالةٌ وتطبيع، ارتزاق وارتهان... لقد اختار الكثير من أبناء الأُمَّــة – وللأسف – طريق الصمت والتفرج من بعيد، فيما ارتضى آخرون لأنفسهم أن يكونوا أدَاة وقفازًا يحمي الأمريكي والصهيوني، بينما اكتفى بعضهم بالدعاء. والأفظع والأجرم، وما يثير الدهشة والاستغراب، أن هناك من يلقي باللوم على الضحية، على غزة وأبطالها، زاعمًا أن سبب هذا الظلم والعدوان هو المجاهدون، وخيار التصدي لقوى الطاغوت والعمالة!

نعم، هناك من كفّر "حماس"، ودعا إلى عدم نصرتها أَو الوقوف معها، وهناك من كفّر جميع الفصائل والحركات والأحزاب والشعوب التي اختارت خيار المساندة والدعم والمشاركة في "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس"! بل إن الأبشع من ذلك كله مَن يبرّر جرائم كيان العدوّ، نعم يبرّر الجرائم التي تشيب لها الرؤوس وتحترق لها الأفئدة. فلا صراخ الأُمهات الثكالى، ولا أنين الآباء، ولا احتراق قلوبهم على فلذات أكبادهم أثّر فيه، ولا نواح الأطفال ورعبهم عند رؤية جثث أهاليهم المتفحمة حرّك وجدانه، ولا الوجوه التي كانت يومًا أقمارًا وبدورًا، ثم غدت شيخوخةً هامدة ذابلة بفعل الجوع والعطش؛ أجساما نحيلة يتساقط أصحابها موتًا من شدة الجوع!

ومع ذلك، ما يزال هناك – وإن قلّوا – من يعيشون صحوة الضمير، تجري في عروقهم دماءٌ حرّة، فرفضوا الرضوخ والخنوع لما يحدث في غزة. هناك القادة والمجاهدون، هناك العلماء والمثقفون، هناك الكُتّاب والنخب، وهناك الشعوب الحرّة. منهم من خرج متظاهرًا، مدينًا، مستنكرًا، ساخطًا ماقتًا لكيان العدوّ الإسرائيلي الملعون، ومنهم من سارع إلى المقاطعة الاقتصادية، أَو بادر بحملات الإنفاق والمساندة للشعب الفلسطيني. وهناك من جاهر بصوته، وبكل بسالة وشجاعة – حتى وهو في قلب دول الكفر والنفاق – قائلًا: "لا لحرب الإبادة والتجويع". وهناك من ابتغى وجه الله تعالى، فجاهد بنفسه وماله، وأطلق الصواريخ والحمم على كيان العدوّ اللقيط؛ لا لأَنَّه من الدول العظمى اقتصاديًّا أَو عسكريًّا؛ بل؛ لأَنَّه من شعب "الإيمان والحكمة". نعم، إنه "اليمن" الذي أثبت أن هذا الكيان أوهى من "بيت العنكبوت"، وأن السنن الإلهية ماضية لا محالة. اليمن الذي فرض حصارًا بحريًّا، وضرب المطارات، وأغلق الموانئ، فأصبح نموذجًا يُقتدى به في التوكل على الله، والتحَرّك الصادق في سبيله.

وتبقى الشعوب حرّة ما لم تُكبَّل، واليوم لا يُعفى أي إنسان من المسؤولية عمّا يجري في غزة. فإذا كانت السلطات خانعةً خائنةً مطبّعة، فالشعوب واجبٌ عليها أن تثور، أن تحدّد موقفها، أن تزلزل عروش الطغاة والمستكبرين، وأن تثبت قدرتها على انتزاع حقها، وكسر أيدي المعتدين، وتحطيم رؤوس المتطاولين عليها.

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}.


تغطيات