• العنوان:
    لوحةُ الحشد النبوي في صعدة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

جسد واحد نابض بالحياة

لم يكن المشهد مُجَـرّد تجمع بشري عابر، بل لوحة مكتملة التفاصيل رسمتها الإرادَة الشعبيّة على أرض صُلبة، وامتدت بامتداد البصر حتى لامست الجبال. من يطلّ على الساحة لا يرى أفرادًا متناثرين، بل جسدًا واحدًا مترابطًا ينبض بالحياة، كأن الأرض قد ارتدت حُلّة بشرية متماسكة لا تعرف الفراغ ولا الانكسار.

 

نَفَسُ التنظيم وحكمةُ الاصطفاف

رغم هَول العدد وكثافته، إلا أن العينَ تلمحُ انتظامًا مدهشًا؛ صفوفًا مرصوصة وممراتٍ تتخلل الحشود كالأوردة في جسد ضخم. كُـلّ ذلك يعكسُ وجودَ عقل منظِّم ووعي جمعي يحوّلُ الكثرة إلى قوة والزخم إلى رسالة متقنةِ الإيقاع.

 

رمزية لا تخطئها العين

لم يكن ذلك السيل البشري ليملأ مساحة جغرافية فحسب، بل جاء ليملأ فراغًا في الوجدان وصوتًا في القرار. هنا تتجلى وحدة الموقف، حَيثُ تذوب الفوارق الصغيرة أمام القضايا الكبرى، ويتشكل إجماع شعبي صنعته التجربة والمعاناة والوعي.

 

المكان شاهد وذاكرة

الجبال المحيطة بالساحة في صعدة بدت كحراس صامتين للتاريخ، تحفظ في صخورها صدى الملاحم الماضية. حتى النقوش البعيدة على سفوحها حملت دلالات رمزية، كأنها رسائل متجذّرة تربط الماضي بالحاضر في خيط واحد من الصمود والإيمان.

 

أثر الصورة في الداخل والخارج

في الداخل، تمنح الحشود ذاتها يقينًا لا يُشترى: أن الشعب كتلة واحدة وقوته الحقيقية في حضوره الواعي.

أما في الخارج، فتتجاوز الرسالة حدود البيانات السياسية: هذه الأرض ليست موطنًا عابرًا، بل ساحة يعيش فيها أصحاب قضية لا يمكن تجاهلهم.

 

خطاب صامت بصوت جهوري

أحيانًا تختصر الصورة ما تعجز عنه الخطب، وهذا الحشد بحد ذاته خطاب صامت لكنه جهوري، يعلن للعالم أن الجماهير ما زالت هنا، تصوغ بمعادلة حضورها معادلة الردع وتؤكّـد أن الصوت الشعبي هو الوقود الأول لكل معركة.

 

رسالة إلى أعداء الإسلام والإنسان

إن هذه اللوحة البشرية لم تكن مُجَـرّد احتفال أَو اصطفاف، بل عهدٌ متجدد من محبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكل أعداء الإسلام والإنسان والقرآن والرسول: أن صوت الأُمَّــة باقٍ، وأن إرادتها لا تنكسر، وأن كُـلّ محاولة للنيل من دينها أَو كتابها أَو نبيها ستتحطم على صخرة هذا الوعي الجمعي والولاء الصادق. هنا يقول المحبون لأعدائهم: لسنا فرادى يمكن أن تُهزم عزيمتهم، بل أُمَّـة مصطفة على نهج النبوة، باقية ما بقي الليل والنهار.

 

خاتمة

إنه مشهد غير عادي، بل وثيقة بشرية ناطقة وشهادة حيّة على أن الشعوب حين تصطف تتحول إلى قوة لا تُقهر ورسالة لا يمكن حجب صداها.


تغطيات