• العنوان:
    مفارقات لافتة.. العجز العربي والمبادرات الغربية تجاه غزة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    بينما تواصلُ بعضُ الدول العربية والإسلامية، مثل السعوديّة والإمارات وتركيا، شحنَ الأسلحة والبضائع إلى الكيان الصهيوني، تشهد الإنسانية جهودًا مضنية لإنقاذ سكان غزة من الكارثة الإنسانية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

تُعَكس هذه المفارقات حالةً عميقة من التأمل والقلق إزاء ما آلت إليه الأُمَّــة من انحطاط قيمي وأخلاقي، ناتجٍ عن بُعدها عن الدين وتجاهلها لمتطلبات الإيمان؛ ما جعل العالم العربي، وبعض الدول الإسلامية أحيانًا، يبدو متقاعسًا عن تقديم الدعم للأشقاء الذين يعانون من ويلات الحرب والحصار، كما هو الحال في غزة.

وتشكِّل هذه الظاهرة أزمة حقيقيةً في الوجدان الجمعي العربي؛ ما يستدعي طرح تساؤلاتٍ ملحة حول أسباب ونتائج هذا الانفصام في الالتزام الأخلاقي والواجب القومي والديني.

هل تعود هذه الفجوة بين واقع الأُمَّــة وواجباتها الدينية والأخلاقية إلى الأزمات الداخلية التي تعاني منها بعض الدول العربية؟

أم أن هناك عوامل سياسية واقتصادية تدفع هذه الدول إلى التردّد في الانخراط الفعّال في قضية غزة، مما يجعلها تبدو وكأنها تُساهم – ولو بشكل غير مباشر – في استمرار المعاناة؟

أليس من الملفت أن نرى شعوبًا غربية، لا تربطها بغزة رابطة دينية أَو لغوية أَو جغرافية، تبذل جهودًا حثيثة لمساندة الشعب الفلسطيني في غزة ومنعه من الموت جوعًا؟!

فقد انطلق أسطول مساعدات جديد من ميناء برشلونة، محمَّلًا بالاحتياجات الأَسَاسية لأهالي غزة، في إطار جهود متواصلة تبذلها منظمات إنسانية وناشطون أحرار في أُورُوبا، يرون في غزة رمزًا للمعاناة والصمود.

وتعكس هذه المبادرات مدى اهتمام المجتمع الدولي بالقضايا الإنسانية، رغم التعقيدات التي تفرضها السياسات العالمية.

ولم يكن هذا الأسطول الأول من نوعه، فقد سبقته مبادرات مماثلة ضمن مسار طويل من المحاولات المُستمرّة لفك الحصار، وغالبًا ما تُرافق هذه الجهود بتصريحات دبلوماسية من حكومات غربية تعلن دعمها لحقوق الإنسان والقضايا العادلة.

في المقابل، يتسم الموقف العربي أحيانًا بالتردّد، وفي أحيان أُخرى بالتواطؤ الصامت مع الجهات التي تُواصل تكريس الحصار والمعاناة.

فرغم الثروات الهائلة والموقع الجيوسياسي المتميز، تبدو الإجراءات العربية لتخفيف معاناة أهالي غزة ضئيلة، بل معدومة في كثير من الأحيان، إلى الحد الذي يثير الاستغراب والريبة.

السؤال الجوهري هنا هو: لماذا تبدو بعض الدول العربية كأنها تضع العقبات بدلًا من تقديم الحلول؟

ولماذا تُساهم بعض المؤسّسات الإعلامية العربية – بشكل مباشر أَو غير مباشر – في استدامة الوضع القائم، بدل العمل على تغييره؟

تُعبّر هذه المفارقات عن حالة من الانحطاط الفكري والانكسار النفسي في المجتمعات العربية، مما يعزز شعورًا عامًا بالعجز عن مواجهة التحديات، سواء في دعم القضايا العادلة – كقضية الإبادة الجماعية في غزة – التي لا تمثل نصرة للشعب الفلسطيني فحسب، بل تُعدّ قوة دافعة لاستنهاض الأُمَّــة، أَو في رفع الوعي الجماعي لدى المجتمع العربي والإسلامي بخطورة المخطّطات التي يُديرها الكيان الصهيوني، والمستهدفة للأُمَّـة جمعاء.

يتساءل الكثيرون في العالم العربي عن سبب الفجوة الشاسعة بين خطاب القادة والسياسات الفعلية على الأرض.

ولعل الحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة، تتطلب إعادة نظر في المواقف والسياسات العربية، سواء عبر إعادة تعريف المصالح القومية بما يتوافق مع قيم الدين والأخلاق الإنسانية، أَو من خلال تضافر جهود الشعوب والأنظمة لتحقيق الأهداف الكبرى للأُمَّـة.

كما تحتاج الأُمَّــة العربية إلى الاستلهام من بعض النجاحات العالمية، ويجب أن يُعطى الواجب الديني الأولوية القصوى، بحيث تتحول الأقوال إلى أفعال حقيقية تُسهم في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتفتح آفاقًا جديدة تعيش فيها شعوب الأُمَّــة في كرامة وسلام.

قد تُشكل دعوات النشطاء الغربيين للقيام بمبادرات إنسانية دافعًا للأُمَّـة العربية للاستفاقة من سباتها، وإعادة تقييم أولوياتها، والشروع في اتِّخاذ خطوات جادة نحو الريادة التي سعت إليها عبر التاريخ، عازمة على دعم حقوق الشعوب العربية المظلومة بفعالية وبكل الوسائل المتاحة، خَاصَّة في غزة.


تغطيات