وقد أسفرت الساعات الماضية عن استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا في سلسلة غارات استهدفت منازل المدنيين، وتجمعات انتظار المساعدات، في وقتٍ يواصل فيه العدو استهداف كل ما تبقى من مظاهر الحياة في القطاع.

استشهدت امرأة وطفلها، وجُرح آخرون، جراء استهداف طيران العدو الصهيوني لمنزل في وسط القطاع. كما استُشهد خمسة مدنيين، بينهم سيدة وطفل، وأُصيب 17 آخرون بينهم ثلاث نساء وثلاثة أطفال، في قصف طال تجمعًا للمواطنين أثناء انتظارهم مساعدات غذائية بالقرب من محور السُّليم، غربي مدينة غزة.

وشن طيران العدو غارات جديدة استهدفت شقة سكنية في حي الرمال، وخيمة للنازحين في مخيم الشاطئ، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا بين شهيد وجريح.

دمار واسع باستخدام الروبوتات المتفجرة

من شمال قطاع غزة، وتحديدًا من جباليا البلد ومنطقة النزلة، رصدت كاميرات الإعلام مشاهد مروعة لدمار شامل، حيث دُمر نصف مربع سكني بالكامل إثر استهداف جوي مباشر.

وفي مداخلة لها مع قناة المسيرة، أوضحت الزميلة دعاء روقة أن الاحتلال يستخدم أسلوبًا جديدًا في التدمير، عبر نشر روبوتات مفخخة داخل الأحياء السكنية، ثم تفجيرها عن بُعد، محدثة دمارًا هائلًا يصل إلى تدمير أكثر من 15 منزلًا دفعة واحدة، في كل مرة.

وأضافت أن مناطق مثل حي الزيتون والصبرة، وكذلك شارع الشهداء وحي الشيخ رضوان، تتعرض لقصف مدفعي وجوي متواصل، وسط تحليق مكثف للطيران المسيّر، الذي يطلق نيرانه بشكل عشوائي تجاه خيام النازحين والمواطنين، ما أسفر عن عشرات الإصابات.

وأكدت أن الوضع الميداني في القطاع يتجه نحو كارثة كاملة، وأن المناطق الجنوبية مثل خان يونس، لا سيما منطقة المواصي، والتي تُوصف بأنها "آمنة"، تتعرض لقصف متواصل، يسقط خلاله الشهداء والجرحى يوميًا.

مجاعة تتفاقم.. وأرقام صادمة للوفيات

وفيما تواصل طائرات العدو قصفها، تتواصل في الوقت ذاته المجاعة القاتلة التي تُعد من أبرز أدوات الإبادة الجماعية التي يستخدمها كيان العدو الصهيوني ضد المدنيين في غزة.

بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، فإن أكثر من 41 ألف طفل مهددون بالموت جوعًا، فيما تم تسجيل 319 حالة وفاة بسبب المجاعة وسوء التغذية، من بينها 117 طفلًا. كما سجلت مستشفيات القطاع 10 حالات وفاة جديدة خلال 24 ساعة فقط.

وقالت رئيسة المنظمة إن أطفال غزة "وصلوا إلى نقطة الانهيار" و"لم يعودوا قادرين حتى على البكاء"، في مشهد يعكس عمق الكارثة.

دعوات دولية متأخرة.. واتهامات لمجلس الأمن بالتقاعس

في محاولة متأخرة، دعا مجلس الأمن الدولي – باستثناء الولايات المتحدة – إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وعبّر عن قلقه من استخدام التجويع كسلاح محظور دوليًا. لكنه قوبل بانتقادات واسعة لتأخره وتراخيه في مواجهة جرائم العدو.

الجزائر، عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، حمّلت المجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه المجاعة في غزة، رافعًا صورة الرضيع يحيى النجار (3 أشهر)، الذي استُشهد جوعًا، والطفل يزن أبو فول (عامان)، الذي يحتضر بين يدي والده.

كما استنكر المندوب الجزائري اغتيال الصحفية مريم أبو دقة، مؤكدًا أن "درعها كان سترة الصحافة وسلاحها الكاميرا"، وأن مجلس الأمن "فشل في أداء ولايته"، مستشهدًا بقصف مستشفى الناصر، الذي خلف 20 شهيدًا.

ووصفت بريطانيا الوضع في غزة بأنه "مجاعـة فضيحة أخلاقية"، بينما واصل كيان العدو الصهيوني الترويج لمزاعم إدخال المساعدات إلى غزة، وهو ما نفته الوقائع الميدانية، كما أكدت المراسلة دعاء روقة، مشيرة إلى أن الوضع الغذائي يزداد سوءًا رغم مزاعم العدو.

ما يحدث في غزة لم يعد مجرد عدوان عسكري، بل عملية إبادة جماعية موثقة بالصوت والصورة، حيث يُستخدم التجويع كسلاح، وتُستهدف التجمعات المدنية بشكل ممنهج، في ظل غياب الردع، وتواطؤ دولي يطيل أمد الجريمة.

ووسط هذا الظلام، تبقى شهادة الأرض وأصوات المراسلين والمواطنين هي الوثيقة الحية التي تسجّل واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، على يد كيان يواصل استباحة الدم الفلسطيني، دون محاسبة.