• العنوان:
    المولد النبوي.. تجديدُ الوعي بقضية الأقصى
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في عُمقِ سيرةِ النورِ، يَتَجَدَّدُ مَوْلِدُ الأمةِ منْ رَحِمِ الغيْبِ، ليُعيدَ صياغةَ الوعيِ الجمعيِّ بمفاهيمَ لا تتناهى. إنَّ الاحتفاءَ بالمولدِ النبويِّ، ليسَ محضَ استذكارٍ تاريخيٍّ، بلْ هوَ استحضارٌ لمنطقِ الوحيِ في مواجهةِ منطقِ القوةِ الماديةِ.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

فالمولدُ ليسَ حدثًا منقطعًا في الزمانِ، بلْ هوَ مُسَلَّمَةٌ قرآنيةٌ تَرْتَبِطُ بجوهرِ الرسالةِ، وتُسَيِّجُ الأمةَ منْ أنْ تَتَخَذَ أولوياتٍ مغلوطةً، أوْ أنْ تَتَخَاذَلَ عنْ مسؤولياتها المُقَدَّسَةِ.

تَتَجَلَّى هذهِ المسؤوليةُ في قضيةِ الأقصى، التي تُعَدُّ مركزَ الثقلِ في ميزانِ الصراعِ الحضاريِّ. إنَّ رَبْطَ المولدِ النبويِّ بقضيةِ الأقصى ليسَ اسْتدلالًا عاطفيًّا، بلْ هوَ ربطٌ قرآنيٌّ أصيلٌ. فَمَنْظُورُ الوحيِ يَرَى في القدسِ نقطةَ اتصالٍ بينَ الزمانِ والمكانِ، وبينَ رسالةِ السماءِ وواقعِ الأرضِ. هيَ أرضُ الإسراءِ، ولهذا السببِ، فَصَمُّ الآذانِ عنْ صرخاتِ الأقصى هوَ صَمٌّ عنْ فهمِ الرسالةِ النبويةِ ذاتها. إنّ كلّ خطوةٍ نحو الأقصى هي خطوةٌ نحو فهمٍ أعمقَ لمعنى النبوةِ، وكلّ تقاعسٍ عن دعمهِ هو تقاعسٌ عن إدراكِ هذا المعنى.

إنَّ وَقْعَ الاحتفالِ بالمولدِ في غزةَ المحاصَرَةِ، وفي ضفةِ اليقينِ، ليسَ احتفالًا عاديًّا، بلْ هوَ فعلُ مقاومةٍ بَلِيغٌ. هوَ إعلانٌ رمزيٌّ، ولكنهُ مُشَرَّبٌ بالإيمانِ، أنَّ هذهِ الأرضَ لا تزالُ أرضَ الميعادِ الربانيِّ، لا أرضَ الميعادِ الصهيونيِّ. فمنْ سيرةِ المصطفى (ص)، يَتَعَلَّمُ الفلسطينيونَ معنى الصبرِ على الجوعِ، والمثابرةِ على البلاءِ، واليقينِ بأنَّ النصرَ منْ عندِ اللهِ. فكانَ حصارُ قريشٍ على بني هاشمٍ في شِعبِ أبي طالبٍ، هوَ النموذجَ الذي يُلهمُ صمودَ غزةَ اليومَ، ويثبِّتُ أقدامَ أبنائِها على طريقِ التحريرِ.

إنَّ تجديدَ الوعيِ بقضيةِ الأقصى عبرَ المولدِ النبويِّ هوَ إعادةُ تأهيلٍ للأمةِ نفسيًّا وفكريًّا. هوَ هدمٌ لكلِّ بُنيانٍ فكريٍّ يُحاولُ فصلَ الدينِ عنِ قضايا الأمةِ السياسيةِ والجهاديةِ. فَالدينُ في المنظورِ القرآنيِّ ليسَ مجموعةً منْ الشعائرِ الفرديةِ، بلْ هوَ مشروعُ حياةٍ شاملٌ، يَتَّخِذُ مِنَ العدلِ والجهادِ سبيلًا، ومنْ تحريرِ المقدساتِ غايةً. وبناءً عليهِ، فالمولدُ النبويُّ، هوَ المِفْتاحُ الذي نَعيدُ بهِ ترتيبَ أوراقِ الأمةِ، ونجددُ بهِ العهدَ معَ نبضِ الحقِّ والعدلِ. إنّه تجديدٌ للبيعةِ، وتأكيدٌ على أنَّ قضيةَ فلسطينَ هيَ بوصلةُ الأمةِ، وأنَّ المولدَ النبويَّ هوَ نبراسٌ يضيءُ دربَ الجهادِ نحو تحقيقِ الوعدِ الإلهيِّ.