• العنوان:
    من الأمطار إلى التنمية: قراءة في الدرس الثامن من محاضرات السيد عبدالملك الحوثي ضمن دروس عهد مالك الأشتر
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في هذه الأيام المباركة، تهطل أمطار الله الغزيرة على مختلف مناطق اليمن، لتذكّرنا بكنز وطني ثمين يجب استثماره بحكمة وعقلانية. المياه ليست مجرد عنصر أساسي للحياة، بل هي عمود التنمية وركيزة الأمن الغذائي والمائي، وضمان استمرار الحياة بكرامة لجميع المواطنين. ومع كل هطول للأمطار، تتاح فرصة ذهبية لتحويل هذه الموارد الطبيعية إلى مصدر دائم للنماء والرخاء، شرط إدارتها بشكل علمي ومنظم.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

 

في الدرس الثامن من محاضرات السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من دروس عهد مالك الأشتر في عام 1443هـ، أكد القائد على أن مناطق اليمن، مثل تهامة والمناطق الشرقية، تمتلك مخزونًا كبيرًا من المياه الجوفية، إلا أن معظم مياه الأمطار تضيع في الوديان أو تصب في الصحراء والبحر، بينما يستفيد السكان من نسبة ضئيلة فقط. هذا الهدر الكبير يؤدي إلى معاناة حقيقية في مواسم الجدب والجفاف، ويزيد صعوبة تأمين مياه الشرب وري الأراضي الزراعية، ويقيد الإمكانات الاقتصادية للأسر والمجتمعات المحلية.

لقد برع أسلافنا في استثمار مياه الأمطار عبر بناء الحواجز المائية، الخزانات، البرك، والسدود على مستوى المنازل والمزارع والقرى، لضمان توفير المياه للإنسان والماشية وري الأراضي الزراعية. هذه التجارب التقليدية تشكل نموذجًا ناجحًا لإدارة الموارد المائية، ويجب استلهامها وتطويرها بالوسائل الحديثة لضمان استفادة المجتمع من كل قطرة ماء.

اليوم، أصبح الاستثمار في مياه الأمطار أكثر أهمية من أي وقت مضى. إقامة الحواجز المائية والخزانات والسدود على المستويات الفردية والجماعية يمثل خطوة استراتيجية نحو استدامة الموارد، وتحقيق التنمية الزراعية، وتوفير فرص العمل، ومواجهة البطالة خلال فترات الجدب والجفاف. كما أن التعاون بين أبناء المجتمع المحلي في إدارة هذه الموارد يعزز الترابط الاجتماعي ويضمن منافع أوسع لجميع أفراد المنطقة والمجتمع.

من جانب آخر، يمثل تطوير أساليب الري الحديثة ضرورة ملحة. فطرق الري التقليدية تهدر كميات هائلة من المياه، بينما يمكن من خلال الري الحديث تقليل الاستهلاك بشكل كبير مع زيادة الإنتاجية، مما يعكس استخدامًا رشيدًا للموارد، ويعزز النمو الزراعي المستدام، ويوفر فرصًا لتوسيع الرقعة الزراعية واستثمار الأراضي غير المستغلة.

إن استثمار مياه الأمطار لا يقتصر على الجانب الزراعي فقط، بل يمتد ليشمل تحسين مستوى المعيشة، ودعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحويل التحديات المناخية إلى فرص حقيقية للبناء والتنمية. وفي هذه الأيام المباركة، ومع هطول الأمطار، يجب أن يكون العمل الجماعي والحكومي والشعبي متكاملًا لاستثمار كل قطرة ماء وتحويلها إلى مشروع تنموي مستدام يعود بالخير على الفرد والمجتمع والوطن.

فالحرص على بناء السدود والخزانات والحواجز المائية، واعتماد أساليب الري الحديثة، والاستفادة من مياه الأمطار بطريقة رشيدة، يمثل مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع. فالمياه إذا أحسن استثمارها تصبح مصدر حياة ونماء دائم، وتضمن للأجيال القادمة مستقبلًا أفضل، وتحقق التنمية المستدامة التي تصنع الفارق في حياة المجتمع اليمني بأكمله.