-
العنوان:التعتيم الإعلامي على تظاهُرات اليمن المليونية الداعمة لغزّة.. سياسةٌ مقصودة
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:من بين مشاهد الردود العربية على حرب الإبادة التي تشنُّها "إسرائيل" على قطاع غزّة منذ أُكتوبر/ تشرين الأول 2023، تبدو التجربةُ اليمنية حالةً شاذَّةً بالمعنى الإيجابي، واستثنائيةً بالمعايير السياسية والاجتماعية والأخلاقية التي حكمت تفاعُلَ باقي المجتمعات العربية والإسلامية مع الحرب.
-
التصنيفات:مقالات
-
كلمات مفتاحية:
فأنْ يتمكّنَ بلدٌ محاصَرٌ وممزَّقٌ
داخليًّا ومحدود الموارد من الحفاظ على زخم تعبوي شعبي منتظم (يتجاوز في بعض
الأسابيع المليون مشارك) لنحوِ مِئة أسبوع على التوالي، فهذا ليس فقط جديرًا
بالملاحظة، بل يفرض علينا استقراء هذا النموذج ومحاولة فهم آلياته وخصوصياته.
التعبئة الجماهيرية طويلة الأمد
عادةً ما تكونُ مشروطةً إمّا بموارد إعلامية وتنظيمية ضخمة، أَو برافعة حزبية
تمتلك السيطرة والقدرة على الحشد، أَو بتحفيز مباشر مرتبط بالمكاسب السياسية أَو
الاقتصادية.
أمّا في الحالة اليمنية، فالحشد يتم
بلا موارد إعلامية كبرى، في ظلّ حصار خانق وانعدام الحوافز المادّية، بل وفي أحيان
كثيرة، على حساب فرصٍ محتملةٍ لتخفيف المعاناة المحلّية (كما في لحظة اقتراب تسوية
مع السعوديّة عشية "7 أُكتوبر").
ولا يقتصر الالتزامُ اليمني على
التظاهُر والتعبير الرمزي، بل نحن أمام حالة من التداخل بين التفاعل الجماهيري
والفعل العملياتي المقاوم؛ إذ تتكامل التظاهرات المليونية مع هجمات شبه يومية على
سفن مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ
ومسيّرات على أهداف إسرائيلية في العمق.
رغم الطابع غير المسبوق للتجربة
اليمنية في دعم فلسطين، من حَيثُ الاستمرارية والزخم والكلفة السياسية والميدانية،
إلا أن التغطية الإعلامية العربية والدولية تكاد تكون معدومةً أَو منحازةً على نحوٍ
سافر.
في عالم تُعتبَر فيه تظاهرة من عشرة
آلاف شخص في عاصمة ما "حَدَثًا جَلَلًا"، يستقطب الوكالات ويفتح نشرات
الأخبار، يُتجاهَل خروج مئات الآلاف (بل الملايين) أسبوعيًّا في صنعاء وصعدة
والحديدة وتعز وغيرها، على مدى عامَين، وكأنهم يتحَرّكون في فراغ رمزي لا يستحقّ
الاعتراف.
ليس التعتيم صدفةً، بل سياسة مقصودة،
والأمر لا يقتصر على إنكار الحدث ميدانيًّا، بل يُصدّر ضمن أُطُرٍ سلبية، ويُقدَّم
إمّا مزاودةً أيديولوجيةً أَو حيلةً لتثبيت شرعية داخلية لحركة سياسية محلّية.
لكن هذه التبريرات
تنهارُ أمام منطقِ التضحيات، فمن يسعى إلى "شرعنة" سلطته، لا يغامرُ
بمواجهة الولايات المتحدة وبريطانيا و(إسرائيل) في آن، في جبهات بحرية وجوية تحت
القصف اليومي، وفي ظلّ حصار اقتصادي خانق.
فهل تحقيق "الشرعية
الداخلية" يتطلّب تفجير ناقلات نفط وتعطيل خطوط شحن عالمية وقصف العمق
الإسرائيلي بالصواريخ والمسيّرات واستدعاء ردّ عسكري من القوى الكُبرى؟
إن منطق المكاسب لا يكفي لتفسيرِ هذا النوع من
الالتزام؛ نحن أمام موقف يتجاوزُ المنطقَ النفعي،
ويؤكّـد أن ما يحرّك هذا الفعل ليس الرغبة في الاعتراف فقط، بل الإصرار على تثبيت
معيارٍ سياسيٍّ وأخلاقيٍّ مستقلّ، ولو كلّف ذلك أثمانًا باهظة.
ليس التعتيمُ صدفةً على تظاهرات
اليمن الداعمة لغزّة، بل سياسة مقصودة
صحيحٌ أن جزءًا من الإجَابَة يكمن في
البنية العقائدية - الأيديولوجية لجماعة أنصار الله، لكنّها لا تفسّر كُـلّ شيء.
الأكثر أهميّة أن بنية المجتمع
اليمني استطاعت أن تُنتج ما يشبه الإجماع الاجتماعي (أو على الأقل قابلية جماهيرية
واسعة) على مركزية فلسطين قضيةً معياريةً، تتجاوز في سلّم الأولويات حتى القضايا
الوطنية المباشرة.
من المهم التنبيه إلى أن جزءًا
كَبيرًا من اليمنيين الذين يشاركون في هذه التظاهرات ليسوا أعضاء أَو أنصارًا
مباشرين لـ"أنصار الله".
بل في حالات عديدة، يشارك فيها أفرادٌ
أَو جماعاتٌ لهم تحفُّظات واضحة على سياسات الحركة في الشأن الداخلي، ومع ذلك
ينخرطون في الفعل الجماهيري المُسانِد لفلسطين، ويعتبرون أن هذا الالتزام الجماعي
يعكس إجماعًا وطنيًّا أوسعَ، يتجاوز الاستقطاب السياسي.
هذا الالتفاف حول الخيار اليمني
في مقاومة (إسرائيل) ليس إذعانًا لسلطة، بل ترجمةٌ لوعي جَمْعي يُعيدُ تعريفَ فكرة
الإجماع الشعبي.
بمعنى آخر، ما نشهده ليس
"احتكارًا للحقيقة" من فاعل سياسي واحد، بل ظاهرة اجتماعية ممتدة، تعبّر
عن نضج في وعي الجمهور، ووعي يُفرِّق بين الخلاف الداخلي والواجب القومي -
الإسلامي، ويقدّم فلسطين أولويةً تتجاوز الحسابات الفئوية والقُطرية، وهو نهج
مغاير لشعارات "الوطن أولًا" التي رُفعت للتنكّر للقضية الفلسطينية.
* مدير قناة "فلسطين اليوم"

تغطية إخبارية | حول استشهاد رئيس الوزراء وعدد من رفاقه | مع عبدالله صبري و عمر معربوني و الشيخ الدكتور صادق النابلسي | 08-03-1447هـ 31-08-2025م

تغطية إخبارية | حول استشهاد رئيس الوزراء وعدد من رفاقه | مع علي الديلمي و طارق ترشيشي و زهير مخلوف و د. جمال زهران و عدنان الصباح و د. محمد الشيخ | 08-03-1447هـ 31-08-2025م

الحقيقة لاغير |ما سر الصدمة والقلق السعودي بعد تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى" | 23-02-1447هـ 17-08-2025م

الحقيقة لاغير | دور الإمارات في دعم المرتزقة لخدمة الأهداف الأمريكية والإسرائيلية السودان واليمن نموذجًا | 18-02-1447هـ 12-08-2025م