• العنوان:
    غزة.. معركة وجود وهُوية أمام اختبار أخلاقي عربي
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

تمر غزة اليوم بواحدة من أعقد المحطات في تاريخ القضية الفلسطينية، حَيثُ لم تعد المواجهة العسكرية مُجَـرّد صراع تقليدي، بل تحولت إلى اختبار وجودي لهُوية الأُمَّــة العربية برمتها. فالواقع الذي تعيشه غزة اليوم يمثل مرآة تعكس حجم الانهيار الأخلاقي والسياسي الذي أصاب الأُمَّــة.

ليست غزة مُجَـرّد ساحة مواجهة مع الاحتلال، بل هي امتحان لضمير الأُمَّــة الذي بدا في غالبيته مغلقًا أمام معاناة الشعب الفلسطيني. فبينما يتعرض الفلسطينيون لحصار وتجويع وتدمير ممنهج، تغيب أصوات التضامن الرسمية أَو تكاد تخضع لمصالح أنظمة لا تنظر إلى القضية الفلسطينية إلا كأدَاة للحفاظ على استقرارها الداخلي أَو علاقاتها الإقليمية والدولية.

بعض هذه الأنظمة ترى في المقاومة الفلسطينية تهديدًا لاستقرارها أكثرَ من الاحتلال نفسه، فتختار الصمتَ أَو التواطؤ، متذرعةً بـ"الواقعية السياسية" و"المصالح الوطنية". لكن هذا النهج البارد، الذي يبرّر التخاذل، يكشف عن انهيار أخلاقي عميق يضيع قضية فلسطين – قضية الوجود والكرامة – في دوامة المواقف المتردّدة والحسابات الضيقة.

إن هذا الانحياز أَو التجاهل يرسل رسالةً قاتمةً للشعوب العربية، بأن القضية التي ظلت على مدى عقود رمزًا للوَحدة والكفاح، صارت اليوم مُجَـرّد ورقة للمناورات السياسية والحسابات الباردة. غزة ليست قضية فلسطينية فحسب، بل هي قضية كُـلّ عربي يؤمن بالحرية والكرامة والعدالة.

وفي ظل هذه الظروف، تقع المسؤوليةُ الكبرى على عاتق الشعوب العربية الحية التي لا تزال تمتلك الحساسيات الأخلاقية والإنسانية، لتقف إلى جانب غزة المقاومة بكل أشكال الدعم الممكنة، إعلاميًّا وشعبيًّا وسياسيًّا. فالتضامن مع غزة ليس موقفًا سياسيًّا فقط، بل هو موقف أخلاقي وإنساني يعبر عن انتماء عميق لهوية الأُمَّــة وتاريخها المجيد.

لا مستقبلَ للأُمَّـة العربية إلا حين تستعيد ضميرَها الجمعي، وتدرك أن الكرامة لا تُباع ولا تُساوم، وأن الوحدة الوطنية لا تتحقّق إلا بالوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل، بدءًا من دعم مقاومة غزة، وُصُـولًا إلى تحرير كامل الأرض المحتلّة.

تغطيات