• العنوان:
    ملأ فرعون.. وملأ عفّاش
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في كُـلّ عصر، تتكرّر فصول المسرحية ذاتها، حَيثُ يقف الطغاة وزبانيّتهم في وجه الإصلاحات والتغيير، متسترين بزيف النصيحة وادِّعاء الحرص. الآية القرآنية التي تتحدث عن ملأ فرعون الذين اتهموا موسى عليه السلام بالفسادِ ليست مُجَـرّد قصة عابرة، بل نموذجٌ ثابت في تاريخ البشرية يتجدد بأشكال مختلفة.

ملأ فرعون هم أول من استعمل الأكاذيب لتبرير ظلمهم، متهمين مَن يحملون شعلة الحرية والعدل بأنهم “مفسدون في الأرض”. هذه الكلمات ترسم خارطة الظلام التي تحيط بكل مصلح أَو ثائر يحاول تحرير شعبه من قيود الطغيان.

وفي اليمن اليوم، نلمس صورة معاصرة لذلك السيناريو حين نرى ملأ عفاش، الذين لا يتورعون عن إعادة إنتاج أساليب ملأ فرعون بطرق حديثة: اتّهامات باطلة، تزييف حقائق، استخدام إعلام مأجور، واستغلال مواقع السلطة لقمع أي صوت يطالب بالعدل.

لكن ما يجعل هذه اللحظة مختلفة، هو وعي الشعب الذي بدأ يقرأ التاريخ قراءة جديدة، يدرك أن الاتّهام بالفساد هو أدَاة في يد الطغاة لتثبيت أركانهم، وأن من يُتهم بالفساد غالبًا هو الأكثر نزاهة بين الجميع.؛ إذ ليس منطق الطغاة إلا الاتّهام والتشويه، دفاعًا عن مصالحهم المهدّدة.

الدرس القرآني هنا عميق: هذه المعركة ليست بين أشخاص، بل بين قيم متصارعة؛ قيم الظلم والتسلط وقيم الحرية والعدل. ملأ فرعون اليوم يتقمصون ثوب الناصحين والمصلحين، لكنهم في حقيقتهم أعداء الأُمَّــة وخونة تاريخها.

فهم لا يخشون السلاح فقط، بل يخشون الكلمة الصادقة التي تكشف زيفهم، ولا يقفون إلا حين ينكشف أمرهم أمام ضمير شعب واعٍ لا ينخدع بالمظاهر.

في زمن يتكرّر فيه مشهد الاتّهامات بالفساد ضد من يحاولون تصحيح المسار، يصبح التفريق بين من هو حقًّا ناصح ومن هو زبون الطغيان مسؤولية وطنية وأخلاقية لا تحتمل التهاون.

إن معرفة هذا التاريخ والوعي به هو سلاحنا الأول، وبه فقط يمكننا هزيمة ملأ الطغاة، وإعادة بناء وطن لا مكان فيه لزيف النصيحة أَو مكر الاتّهام.

تغطيات