-
العنوان:غياب النفس اللوّامة.. حين يُصاب الضمير السياسي بالشلل
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:
-
التصنيفات:مقالات
-
كلمات مفتاحية:
في لحظةٍ فارقة من عمر الأمم، قد لا
يكون الخطر في الجيوش الغازية، ولا في الطائرات المُحلّقة في السماء، ولا حتى في
الحصار الخانق، بل في شيء أخطر من ذلك بكثير: غياب النفس اللوّامة عن من يتصدرون
المشهد السياسي، ويُديرون دفة القرار، ويُحدّدون مصائر الشعوب.
النفس اللوامة هي تلك الرقابة
الداخلية التي تردع الإنسان حين يخطئ، وتوقظه حين يغفل، وتؤنبه حين يظلم أَو يتخاذل
أَو يصمت عن الحق. إنها صمام الأمان الذي يمنع الانحدار الأخلاقي، ويوجه صاحبه نحو
الصواب حتى في أحلك اللحظات.
وحين تُصاب هذه النفس بالضمور أَو التبلّد،
يتحوّل الإنسان إلى كائن بلا وزن أخلاقي، قادر على ارتكاب أفدح المظالم دون أن
يشعر بأي ندم، مستعد لبيع مبادئه ووطنه مقابل مكاسب آنية، ويُمارس الكذب والخداع
وكأنهما من أدوات الحكم الطبيعي.
في واقعنا العربي والإسلامي، نرى
اليوم كيف تسير السياسة في كثير من الأحيان بلا ضمير، بلا حساب، بلا خوف من الله
أَو من التاريخ. يُجَوّع الشعب ثم يُطلب منه الصمت، تُسلب ثرواته ثم يُمن عليه
بالفتات، يُعتقل الأحرار ويُتَرفه الفاسدون، ويُقدَّم العدوّ صديقًا والصديق خصمًا،
وكل ذلك باسم "المصالح" و"الحكمة" و"الواقعية".
لكن الحقيقة أن ذلك ليس سياسة.. بل خِذلان
مغطى بربطة عنق، وفساد ملفوف ببيان دبلوماسي، واستبداد مغلّف بلغة القانون. وكل
هذا يحدث حين تغيب النفس اللوامة، ويصبح القادة والساسة لا يخشون عتاب ضمائرهم، ولا
يسألون أنفسهم: "هل ما نفعله حق؟ هل هو عادل؟ هل هو شريف؟".
حين يموت الضمير السياسي، تُشرعن
الخيانة على أنها مرونة، ويُسمّى الانبطاح "تكيّفًا"، وتُلبس الخيانة
لباس "التطبيع"، ويُقنّن الظلم تحت عنوان "الحفاظ على الدولة".
وهكذا يصبح خائن القضية رجل دولة، ومطبّع
مع الكيان الصهيوني صاحب رؤية واقعية، والمساوم على دماء شعبه سياسيًّا عقلانيًّا.
أما من يصرخ في وجه هذا الانحدار، فيُصنّف متطرفًا أَو مثيرًا للفتنة!
حين تُدار الأوطان بلا ضمير، يُختزل
الإنسان إلى رقم، وتُختزل المعاناة إلى أدَاة ضغط، ويُختزل الوطن إلى صفقة. ويغيب
عن الحاكم والمسؤول والنخب أنهم يتعاملون مع أرواح وآمال ومستقبل شعب كامل، وليس
مع جدول حسابات بنكية أَو صفقات خلف الكواليس.
من لا يلوم نفسه حين يُقصّر في حق
شعبه، لن يردعه قانون، ولن تردعه لائحة. إنه بحاجة إلى محكمة أعظم من أي محكمة
بشرية: محكمة الضمير.
أمتنا اليوم لا تحتاج فقط إلى إصلاح
سياسي أَو اقتصادي، بل إلى ثورة أخلاقية داخلية، تبدأ من الإنسان الفرد، وتمتد إلى
الحاكم والمسؤول، وتنتهي بمنظومة كاملة تتغذى على الصدق، وتحتكم إلى الضمير، وترتدع
بالنفس اللوامة.
السياسي الذي لا يراجع ضميرَه، لا
يصلح أن يراجعَ ميزانية دولة أَو يوقّع على مصير شعب. والناشط أَو الإعلامي أَو المثقف
الذي لا يسأل نفسه قبل الكتابة: "هل أقول الحق؟ هل أُنصف الناس؟"، هو
شريك في الجريمة وإن لبس عباءة النقد أَو المعارضة.
حين تغيب النفس اللوامة، لا نُصاب
فقط في أخلاقنا، بل في سيادتنا وكرامتنا وهويتنا.
فما أحوجنا اليوم إلى إعادة إحياء
هذا الصوت الداخلي، حتى لا تصبح الخيانة وجهة نظر، والظلم قرارًا سياديًّا، والانحدار
موقفًا سياسيًّا.
فالنفس اللوامة ليست فقط قيمة دينية، بل ركيزة وطنية، وضمانة بقاء، ودرع من دروع الكرامة.
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة والمنطقة | مع وليد محمد علي و علي أبي رعد و علي حمية و محمد طاهر أنعم و مختار الرياشي و زياد الحموري 14-05-1447هـ 05-11-2025م
تغطية إخبارية | قراءة في كلمة السيد القائد بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وآخر التطورات والمستجدات | مع د. طه المتوكل ود. نور الدين أبو لحية ود. محمد البحيصي 13-05-1447هـ 04-11-2025
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة ولبنان | مع أركان بدر و عصري فياض و علي حمية و نضال زهوي 09-05-1447هـ 31-10-2025م
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة و لبنان و السودان | مع د. وليد محمد علي، و العميد علي أبي رعد، و العقيد أكرم كمال سيروي، و د. نزيه منصور 09-05-1447هـ 31-10-2025م
لقاء خاص | مع السيد عبدالكريم نصرالله (والد شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصرالله) 06-04-1447هـ 28-09-2025م
لقاء خاص | مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب رامي أبوحمدان - قراءة في المشهد اللبناني وتطوراته 22-02-1447هـ 16-08-2025م