• العنوان:
    غزة بين تخاذُل عربي وإسلاميّ مخزٍ وموقف يمنيّ نبيل
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:


في غزة، لا تنامُ العيونُ إلا لتستيقظَ على قصفٍ أَو شهيد، ولا تمُرُّ ساعةٌ إلا ويولدُ فيها وجعٌ جديد. 

هي المدينةُ التي صارت مجازًا للمظلومية، وصورةً مجسدةً لأقسى أنواع الظلم، لكنها أَيْـضًا باتت أصدق امتحانٍ لمواقف الأمم، ومِحرارًا يكشفُ حرارةَ الضمائر، ومن المؤسف أن أغلبها باردٌ أَو مخدَّر.

 

غزة المحاصَرة: جراحٌ مفتوحةٌ على الهواء

منذ أكثر من ثمانية عشر عامًا، والاحتلال يفرض حصارًا خانقًا على قطاع غزة، برًا وبحرًا وجوًا، حتى بات الخروج منها كالخروج من قفصٍ فولاذي.

كهرباء تنقطع، ومياه ملوّثة، وأدوية شبه معدومة، وسماء تعجُّ بطائرات لا تحمل إلا الموت، وأرض تعجّ بالأنقاض.

ليس في غزة وقتٌ للترف أَو للشكوى، فالوجع فيها يوميّ، والمعاناة مُستمرّة، والعالم يكتفي بالمشاهدة أَو الأسوأ: بالتصفيق للجلاد.

 

الغرب.. راعي الاحتلال الرسمي

الولاياتُ المتحدة، ومن خلفها تحالفٌ غربيٌّ مدجَّجٌ بالنفاق، يقف بحزم إلى جانب الاحتلال، سياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا.

كل فيتو أمريكي ضد قرارات وقف العدوان هو ضوءٌ أخضرٌ لاستمرار المجازر.

وكل صفقة سلاح تُبرم مع (إسرائيل) تُترجم قصفًا على رؤوس المدنيين في غزة.

إنهم لا يدعمون الاحتلال سرًا، بل يمارسون الشراكة العلنية في الجريمة.

 

العرب والمسلمون.. صمتٌ وتخاذل يفطر القلب

الخذلان العربي والإسلامي تجاوز حدود الصمت، وتحول إلى مشاركة فعلية في خيانة القضية الفلسطينية. دول عربية طبّعت، وأُخرى غضّت الطرف، وثالثة تواطأت بمالها وسياستها، وكأن غزة ليست من لحمنا ودمنا.

أما الشعوب، فقد أُرهقت وأُسكتت، حتى بات الغضب يُقمع، والهتاف يُجرّم، والتعاطف يُصادر.

 

اليمن.. موقفٌ يكتبه التاريخُ بمداد النار والعزة

لكن وسط هذا السواد العربي، يتجلى الموقف اليمني كاستثناء نادر وفريد في خريطة المواقف. ليس فقط في الشعارات، ولا في المسيرات، ولا في الخطب، بل في الميدان، في الجو، وفي البحر.

 

اليمن.. والردُّ العسكري المزلزل نصرةً لغزة

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أُكتوبر 2023، أعلن اليمن، ممثلًا بالقوات المسلحة التابعة لصنعاء، الانخراط العسكري المباشر في مواجهة الكيان الصهيوني، عبر:

إطلاق صواريخ باليستية ومسيّرات بعيدة المدى باتّجاه أهداف حساسة داخل فلسطين المحتلّة.

استهداف العمق الإسرائيلي لأول مرة من عمق الجزيرة العربية دعمًا مباشرًا للمقاومة الفلسطينية.

تنفيذ عمليات نوعية في البحر الأحمر وباب المندب، حَيثُ أوقفت، هدّدت، واستهدفت السفن الإسرائيلية أَو تلك المرتبطة بدول داعمة للعدوان مثل أمريكا وبريطانيا.

 

البحر الأحمر.. من ممر تجاري إلى ميدان معركة

تحول البحر الأحمر من ممر آمن للغطرسة الغربية إلى ساحة مواجهة بحرية، تقودها اليمن:

تم استهداف سفن إسرائيلية وأمريكية وتسبب ذلك في أضرار جسيمة اقتصادية وعسكرية.

سفن متعددة الجنسيات مُنعت من المرور لدعمها الضمني أَو العلني لـ (إسرائيل).

تم تقييد حركة السفن التجارية المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية، وهو ما دفع شركات دولية لتعليق أنشطتها، ما شكل ضربة اقتصادية مباشرة لتل أبيب.

إنها المرة الأولى منذ نكبة 1948 التي تشارك فيها دولة عربية بقرار سيادي مستقل، وأدوات عسكرية ذات فاعلية، وتربط صراحةً موقفها العسكري بالدفاع عن غزة وفلسطين.

 

اليمنيون.. مثقفون ومقاومون

الموقف اليمني ليس عسكريًّا فقط، بل ثقافيًّا وفكريًّا أَيْـضًا.

فـالمثقف اليمني كان من أوائل من صدحوا بصوت العقل والمبدأ، وكتبوا دفاعًا عن فلسطين، ورفضوا التطبيع، ووجّهوا البوصلة نحو المقاومة.

المنابر الإعلامية، والمنتديات الثقافية، والخطب، والدروس، والمناهج، كلها تُغذي روح الانتماء لفلسطين في الجيل اليمني الصاعد، لا؛ باعتبَارها قضيةً خارجية، بل جزءًا من الهوية والمصير اليمني ذاته.

 

خاتمة: غزة لا تُناشد.. بل تُحرّض الشرفاء

غزة لا تستجدي، بل تفضحُ وتحرِّضُ وتُعرّي.

تعرّي من تاجروا بالقضية، وتُحرّض من تبقّى من أحرار الأُمَّــة، وتفضح من ارتضى المهانة، وتمد يدها لمن يجرؤ على الوقوف.

وقد وجدت في اليمن شعبًا لا يساوم، ولا يتردّد، ولا يخاف.

شعبًا أعلن أن فلسطين ليست قضية موسمية، بل التزام وجودي ومبدئي.

وما دام في هذه الأُمَّــة رجالٌ كرجال اليمن، ومثقفون كمثقفيه، ومواقف كالتي يصنعها جيشه في البحر والجو، فغزة لن تُكسر، والقدس ستبقى أقرب، مهما طال ليلُ الخِذلان.

تغطيات