• العنوان:
    كربلاء الحسين تتجدَّدُ اليومَ في اليمن وغزة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

تُعتبر هذهِ اللحظة فارقةً في تأريخ الأُمَّــة الإسلامية، حَيثُ تنظر إلى فاجعة كربلاء على أنها وليدةَ يومها؛ فهَذا المنظور هو من جعل مظلومية "الحُسَين" بالأمس، تِعدُ نفسها اليوم في غــزة، وأن حــال غـزَّةَ، "كربلاء العصر" فاقَ البؤسَ وَصفًـا، وتـجاوزَ الفجـيعةَ حـدًّا ومعنًى، ستمِئة وثلاثةٍ وثلاثينَ يومًا، والسّماءُ تنثرُ نارَها، والأرض تُبلَعُ بمن عليها، لا يَفترُ عنهم البلاء، ولا يَرِقُّ فيهم العدوّ.

أيّامٌ تفيضُ رُعبًا على الرّعبِ، وتَنْسِجُ من الهولِ طوامًا لا تُدرَكُ بالعقلِ ولا تُحتملُ بالقلب.. فمسمع المُسلميِن اليوم، لنداء وصِراخ أهل غزة، هو نفسه من سمع نداءٰ الحُسين (عليه السّلام): بالأمس، عندما قال (هل من ناصر ينصرنا) فأراد أن تقف الملائكة وتشهد علىٰ فراغ ضمائر الأقوام، ليبقىٰ صداه يتردّد علىٰ مسامع كُـلّ خائن، وليسند ثبات كُـلّ وحيد.

كربلاء الحُسَين.. تتجلى اليوم في كُـلّ زاوية من العالم الإسلامي. تِمتدُ إلى غزة، فيعلو صوت الحُسين المظلوم: من أرضِ غزة، فيقول

أيحلُّ لكم قتلي؟

ما أقسى الِصمتُ!

وما أقسى التخاذل والاكتفاء بالمشاهدة.. يا من صِمتُم وأنتم تسمعون غزّةُ تبكي والدماءُ شهودُها، والظلمُ فوقَ جراحِها يتمدّدُ.

أما يمن الإيمان والحكمة، وقيادته الربانية، من عترة الرسول الأعظم (محمد صلوات الله عليه وآله وسلّم). هم من وقف مع "الحُسين" ضد يزيد، وأمام جبروتهُ وظلمهُ، وضد "صهاينة يزيد " اليوم وما يرتكبونه في غـزة، تتجدد كُـلّ يوم، ذكرى عاشوراء، في مواجهة الظلم مع الحُسين، ووقوفهم ضُد "صهاينة يزيد" اليوم، تجدد فينا روح الانتماء والولاء والعزة والكرامة والتضحية والفداء، وَتزودنا بالإيمان واليقين والارتباط الصادق باللّه رب العالمين.

فما أشبه مظلومية غزة بمظلومية الإمام الحُسين، وما أشبه يزيد صهيون بيزيد عصره الملعون!

ورغم ما تواجهه غزة، من حرب مدمّـرة وحصار خانق، وتكالب الصهاينة على أبناء غـــزة، ورغم ذلك، يبرزون بموقفهم الثابت وإصرارهم على مواجهة التحديات يجعل قيم المقاومة، التي جسدها الإمام الحسين تبرز بوضوح في تضحيات أبناء غزة.

قد تبدو تكاليف المواجهة مرتفعة، إلا أن العواقب الناتجة عن الاستسلام قد تكون أكثر قسوة؛ إذ نرى ما يعانيه الناس في مختلف بقاع العالم من مظالم واضطهاد، ندرك تمامًا أن السكوت أَو التكيف مع الواقع لن يسفر إلا عن تفاقم الأوضاع.

مظلومية الإمام الحُسَين في "كربلاء" الأمس، تذكرنا بأن الاستسلام "لصهاينة يزيد" في عصرنا: يعني فقدان الهُوية والقيم، بينما المقاومة تعني البقاءَ على قيد الحياة كأمة، واقفة في صف "الحُسَين" لكي لا تندم الغد، أنها خذلت غـــــزة وأهلها، يُذبحون أمام صُمتً مخُزٍ.

إن ما أبرزه الإمام الحُسَين في كربلاء هو ما أبرزه "الحُسَين العصر" كرمز للحق والعدالة. وإن استذكار كربلاء في هذه السياقات الحديثة، يعكس التزام الأُمَّــة الإسلاميـة، بمبادئ الحرية والكرامة، وتأكيد القيم التي ضحى مِن أجلِها الإمـام الحُسَين، وَرسم خريطة طريق تمشيِ عليها الأجيال القادمة.

وإن قضية "الإمام الحسين "هي قضية كُـلّ المسلمين، وقضية الإسلام والقرآن، والحق الذي نعملُ بهِ ونتصدى للباطل، ونِنقذ المستضعفين، ونَقِف بوجه الطغاة المستكبرين، ونواجه الظالمين.