• العنوان:
    نصر استراتيجي لإيران وانسحاب تكتيكي للكيان
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

معيار النصر أَو الهزيمة في العلوم العسكرية لا يقاس بالأضرار أَو الخسائر فهذه طبيعة الحروب؛ بل يقاس بتحقيق الأهداف، لا شك أن الجمهورية الإسلامية تلقت ضربات موجعة؛ لكن هذه الأضرار والخسائر لم تكن الهدف من العدوان الصهيوأمريكي عليها.

استهداف المنشآت النووية، واغتيال العلماء والقادة، واستهداف منشآت مدنية وعسكرية لم تكن هي الأهداف الحقيقية للكيان الصهيوني من العدوان على إيران؛ لأَنَّ تدمير جميع هذه الأهداف لو حدث ذلك فعلًا لن يمنع إيران من إعادة بنائها، لا سِـيَّـما أنها تمتلك الإرادَة والمعرفة والقدرة على ذلك، وهذا ما أقر به كافة الخبراء والمستشارين الصهاينة والأمريكيين والغربيين.

الهدف الحقيقي من العدوان على الجمهورية الإسلامية في إيران هو تغيير النظام في طهران، وتنصيب نظام موالٍ لهم، لا يمثل أي خطر عليهم، ولا يشكل أي تهديد عليهم، كما فعلوا في سوريا تمامًا، وهذا ما عبر عنه ترامب ونتنياهو خلال اليوم الأول من العدوان صراحة.

لقد خططوا له مسبقًا، وسعوا إلى تنفيذه عمليًّا، فمن خلال عُنصرَي المفاجأة والصدمة اللذين مارسهما ترامب ونتنياهو يمكن أن يسقط أي نظام في العالم، ولذلك أعلن المجرم نتنياهو بعد استهداف أبرز القيادات العسكرية والأمنية والعلماء في طهران، أنه قام بما عليه داعيًا الشعب الإيراني للقيام بما عليه للتخلص من النظام.

غير أن النظام الإيراني فاجأ الجميع بسرعة امتصاصه للصدمة، واستيعابه للضربة، وملئ المقاعد الشاغرة في الجيش والأمن والشرطة، واستعادته زمام المبادرة والسيطرة خلال ساعات معدودة، وبذلك فشل العدوان على إيران من أول يوم؛ ما دفع الأمريكي والصهيوني للبحث عن أهداف أُخرى، للضغط على النظام الإيراني، وإجباره على الاستسلام المطلق، وإحضاره إلى طاولة المفاوضات دون شرط مسبق.

وهذا الضغط أَيْـضًا جاء بنتائج عكسية، أثبتت صلابة الموقف الإيراني، وقدرته على الاستمرار في المواجهة، بعد القبض على المزيد من العملاء والخونة، وحشر الكيان الصهيوني في زاوية، وتكبيده خسائرَ فادحة لم يتعرض لها في تاريخه.

هُنا قرّر الأمريكي والصهيوني النزول عن الشجرة، والانسحاب من المعركة، وأخرجا المشهد بطريقةٍ سينمائية تحفظ لهما ماء الوجه أمام جمهورهما وأمام شعوب المنطقة والعالم، من خلال استهداف بعض المنشآت الإيرانية وتصويرها على أنها إنجازات عظيمة، وأن الحرب قد حقّقت أهدافها المعلنة.

خرج الرئيس الأمريكي فجأة ليعلن أن الكيان الصهيوني موافق على وقف إطلاق النار، متوسلًا من قطر اقناع النظام الإيراني على الموافقة، إلا أن القوات المسلحة الإيرانية لم توافق إلا بعد أن وجهت للكيان الصهيوني ضربة هائلة في آخر لحظة.

وبذلك خرجت إيران من هذه المعركة منتصرة، واستطاعت إفشال المخطّط الصهيوأمريكي بإسقاط النظام في طهران، وواجهت كُـلّ دول الكفر والنفاق مجتمعة، والحقت بالكيان أضرارًا جسيمة لم يعرفها في تاريخه، وعززت مكانتها في المنطقة والعالم، وأثبتت بالدليل القاطع لكافة الشعوب العربية والإسلامية أنها تدافع عن كافة أبناء الأُمَّــة، وأنها تقف قولًا وفعلًا إلى جانب القضية الفلسطينية.

نحن على يقين أن الجمهورية الإسلامية سوف تعزز نقاط القوة لديها، وتحول نقاط ضعفها التي ظهرت في هذه المواجهة إلى مصدر قوة، وأهمها القضاء على العملاء والخونة، وتعزيز دفاعاتها الجوية، وترسيخ مفاهيم الثورة الإسلامية، وهي تدرك تمامًا أن هذه المواجهة التي استمرت اثني عشر يومًا ليست سوى استطلاع بالنار لمعرفة ما تمتلكه الجمهورية الإسلامية من قوة، لتدميرها لاحقًا من قبل الأمريكان والصهاينة حتى يضمنوا بقاءهم في المنطقة إلى ما لا نهاية.

وهذا ما يجب أن تدركه وتعيه كافة الشعوب العربية والإسلامية وأن تعد العدة للوقف صفًّا واحدًا خلف الجمهورية الإسلامية في إيران خلال المراحل القادمة.

* أمين عام مجلس الشورى