• العنوان:
    حربٌ تتجاوز الإقليم وتُربِكُ ميزانَ الهيمنة الأمريكية الصهيونية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    الحرب على إيران تجاوزت الطابعَ الإقليمي، وأصبحت حربًا عالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وسط تناقضات المعتوه ترامب السياسية والعسكرية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

وليس سرًّا أن تأتي قوى الهيمنة العالمية ساعيةً لإسقاط النظام الإيراني عبر إثارة الفوضى من الداخل، مستفيدةً من بعض التوترات العِرقية والدينية التي خلقتها أصلًا المؤامرةُ المُستمرّة وخطط وبرامج الاستخبارات الأمريكية الغربية الصهيونية على مدى 40 عامًا.

من المعلوم أن كَيانَ العدوّ الإسرائيلي يشنُّ الحروبَ على المنطقة بالوكالة، بدعمٍ غربي أمريكي تغذيه سردية المظلومية اليهودية، والخوف الغربي من عودة الصهاينة اليهود إلى بلدانهم الأصلية؛ التي إذَا ما حدثت ستكون لها تداعيات كبيرة على اقتصادها وأمنها واستقرارها، لذلك نسمع الصهاينة يكرّرون في "تهديدٍ مبطن" للغرب "فرضية التهديد الوجودي"، وأنهم من يحمون المصالح الغربية في المنطقة.

ولعل الحرب على إيران جاءت في توقيتٍ محسوب؛ إذ ينظر إليها بأنها متزعمة لـ"محور المقاومة"، محور الممانعة المقاوم للتسلط الأمريكي الغربي على المنطقة، ويأتي أَيْـضًا في سياق تأكيدها على التمسك بالقضية الفلسطينية وتبني مظلومية شعبها ودعم مقاومته، لا سِـيَّـما في قطاع غزة، والتي تعتبر طهران رأس حربة التصديّ للمشروع الإسرائيلي فيه.

إيران ليس من السهل هزيمتها بالضربات الجوية والاستهداف المتكرّر-بحسب الخبراء-؛ إذ تعتبر مساحتها وتعداد سكانها الضخم وقوام جيشها وتدريبه وصناعتها العسكرية عوامل قوة، والمجرم نتنياهو الذي بدأ الحرب قد لا يتمكّن من إنهائها بالشروط التي يريدها.

اليوم بات الصراع يتجه نحو تصعيدٍ أوسع، وسط مساعٍ إسرائيلية لإقحام أمريكا والغرب تحت ذريعة النووي ومحاربة الإرهاب؛ غير أن المفاجآت الإيرانية أربكت حسابات "تل أبيب" وعواصم الدعم والتواطؤ، وغيّرت موازين الردع.

ومع فشل رهان العدوّ الإسرائيلي بالضربات المتتالية والتي تحظى بتغطية إعلامية غير مسبوقة؛ بهَدفِ إضعافِ هيبة النظام الإيراني وإظهار عجزه وفشله في إدارة المواجهة؛ وبالتالي يسهل تُفكك الدولة من الداخل، غير أن نجاحَ هذه الخطة يعتمد على صمود الجيش الإيراني وقدرته على الرد، فبدون هذا الصمود قد تنزلق إيران نحو أزمة داخلية خطيرة.

قرارات إيران بتوسيع صلاحيات الحرس الثوري، وتفعيل دور الأجهزة الأمنية بالكشف عن جواسيس وعملاء الموساد وعناصر الخلايا النائمة، تُمهّد لمرحلة تصعيد حاسم، والصراع بات يُمهد بإعادة تشكيل نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، في ظل صعود روسيا والصين.

من خلال المؤشرات يتضح أن روسيا والصين تدعمان إيرانَ لأسباب متباينة، فمثلًا الصين تبحث عن مصالح اقتصادية في الطاقة وتأمين مشروع "الحزام والطريق"، بينما روسيا تنظر لإيران كجدار صَدٍّ أمام "الناتو"، وكلا البلدين يعتبر إيران شريكًا استراتيجيًّا، ويأملان بوساطة أُورُوبية للتهدئة، لكنهما يتصرفان بواقعية بعيدًا عن منطق الصدام المباشر.

ووفقًا للمعطيات؛ فَــإنَّ العدوان على إيران لم يُحقّق أهدافه، رغم قسوته؛ إيران ردّت بصواريخ قوية وكشفت نقاط ضعف في الجبهة الصهيونية، ورغم الدعم الأمريكي الهائل الذي يرافق العدوان، إلا أن إيران أثبتت قدرتها على خوض حرب استنزاف بفضل موقعها الجغرافي وقوة المقاومة الشعبيّة؛ ما يجعل هزيمتها أمرًا غير وارد، بعكس العدو.