بشير ربيع الصانع

في مشهد من مشاهد العز والإيمان، من منبع الحضارة وأصل العرب، من سيول الإيمان والحكمة… مشاهد ليس لها مثيل في الدنيا، ولن ينساها التاريخ أبد الدهر، خرجت اليمن، بكل جبالها وسهولها، بصغارها وكبارها، بشيوخها وشبابها، تصرخ في وجه الطغيان: "هنا شعب لا يُكسر، وهنا أُمَّـة لا تنحني!".

اليمن اليوم، قيادةً وشعبًا، ليست مُجَـرّد متفرج يذرف الدموع على فلسطين، ولا صيحات تُطلق في الهواء لتذروها الرياح… اليمن صارت فعلًا يتجلّى في كُـلّ ميدان، صارت قبضةً تشد على الزناد، وقلبًا يخفق بالوفاء، وصوتًا يعلو في كُـلّ محفل: فلسطين قضيتنا، والقدس قبلتنا، وغزة أمانة في أعناقنا!

يا فلسطين، اسمعي صدى اليمانيين، اسمعي أصواتهم وهي تهتف من كُـلّ شارع، من كُـلّ حارة، من كُـلّ منزل: "دمكم دمنا… جرحكم جرحنا… وعدوكم عدونا…".

من صنعاء إلى تعز، من صعدة إلى عمران، من الجوف إلى الحديدة، من ذمار إلى المحويت، من إب إلى الضالع، من ريمة إلى مأرب، من حجّـة إلى البيضاء… الأيادي مشدودة على الزناد، والقلوب معلّقة بوعد الله، والرجال سائرون إلى، حَيثُ يكتب التاريخ بأحرف العز….

اليمن اليوم ليس صدىً عابرًا، بل هدير أمواجٍ عاتية، لا تعرف المهادنة ولا تقبل المساومة. القيادة في صنعاء، بحكمة السيد القائد الملهم، لا ترفع شعارات خاوية، بل تطلق المواقف التي تهزّ الأرض تحت أقدام الطغاة، وتُلهب مشاعر الأُمَّــة من مشرقها إلى مغربها.

هنا اليمن…، حَيثُ الرجال لا يبيعون الموقف في سوق النفاق، ولا يخونون القضية على موائد الذل. هنا شعبٌ تربى على ثقافة القرآن، ومبادئ الإباء، ورفض الوصاية… هنا رجالٌ أقسموا أن غزة ليست وحدها، وأن القدس ليست وحيدة، وأن فلسطين ليست ضيفًا في وجدانهم، بل هي نبضُ قلوبهم، وصرخة ضمائرهم، وزحفُ أقدامهم نحو معركة التحرير.

أما العالم المتخاذل، المتآمر، المتاجر بدماء الأطفال، فليقف جانبًا، وليعلم أن اليمن قد تجاوزت كُـلّ تلك المؤسّسات العاجزة، وتلك الأنظمة المنهارة، وتلك المجالس المتآمرة. اليمن اليوم يكتب معادلة جديدة:

إما أن يوقفوا العدوان والحصار، أَو فَــإنَّ وعد الله ماضٍ لا محالة، لا يرده ظلم ظالم، ولا يستثني طاغية، ولا يُبقي على جبروت مستكبر.

يا غزة، يا فلسطين… هذه اليمن، بجيشها ولجانها، بأطفالها وشيوخها، برجالها ونسائها، على العهد… على العهد… على العهد….

من أرض الإيمان، من معاقل الحكمة، من جبال العزة، نقولها ملء الفم: موعدنا ساحات الوغى، وميادين التحرير، حَيثُ تُكسر قيود الأسر، وتُدك حصون الطغاة، وتُطهّر الأرض من دنس الغاصبين.

 فاستبشروا بنصر الله… إنهم يرونه بعيدًا، ونراه قريبًا… قريبًا جِـدًّا بإذن الله!