• العنوان:
    المجتمع الدولي.. القناع الذي يختبئ خلفه العجز العربي
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

عبدالله عبدالعزيز الحمران

في كُـلّ قمة عربية، تتكرّر المشاهد ذاتها: يجلس الزعماء، تتلى كلماتهم، تُرفع الشعارات، ثم تُختتم الجلسة ببيانٍ ختامي لا جديد فيه. لكن الملفت للنظر، أن كلما ذُكرت فلسطين، خرجت عبارة واحدة محفوظة، وكأنها شرط عبور إلى نهاية الجلسة: "نُحمّل المجتمع الدولي المسؤولية".

هذه العبارة، رغم تكرارها لعقود، لم تُحرّر أرضًا، ولم توقف عدوانًا، ولم تُغِر دمعة طفل تحت ركام غزة. تحولت إلى رداءٍ يختبئ خلفه العجز، أَو بالأحرى، قناع يرتديه النظام العربي الرسمي كي يبرّر صمته، ويتنصل عن دوره ومسؤولية.

لكن المشهد يختلف تمامًا حين تتعلق الأمور بصراعات داخلية في العالم العربي، أَو بحروب ذات طابع إقليمي. نراهم حينها يتحَرّكون بسرعة، يصدرون المواقف بجرأة، يهدّدون، يسلّحون، ويُعلنون أن الصمت عار. فجأة، لا يعود "المجتمع الدولي" ذا أهميّة، ولا يُذكر كمرجعية، بل تُستدعى قرارات السيادة، والكرامة، والهيبة.

فلماذا هذا التناقض الصارخ؟ لماذا لا تُعامَل فلسطين بما تُعامَل به ساحات النزاع الأُخرى؟ لماذا يُفزع العرب في بعض القضايا، ويخنعون في قضية هي الأصل، والبوصلة، والميزان؟

المجتمع الدولي، كما يرد في بياناتهم، ليس إلا قناعًا مفضوحًا يخفون خلفه جُبنهم السياسي وتواطؤهم الأخلاقي. شعوبهم باتت تعرف تمامًا خريطة "الفزعات":

فزعتهم العبثية، ضد اليمن، إلى جانب التحالف السعوديّ-الأمريكي.

فزعة قديمة إلى جانب صدام، وأُخرى حديثة مع تركيا حين تتقاطع المصالح.

لكن فلسطين؟ تُترَك وحيدة، ويُحال أمرها إلى "المجتمع الدولي"، وكأن القضية لا تخصهم، وكأن الدم الفلسطيني لا يحمل من العروبة شيئًا.

اليوم، لم تعد الشعوبُ تقبَلُ هذه الازدواجية، ولا تخدعُها بياناتُ القمم ولا ضجيج المؤتمرات.

فالقضية الفلسطينية كشّافة للمواقف، كاشفة للتحالفات، وفضّاحة للمتاجرين بها.

التاريخ لا ينسى، والناس لا تغفر، والحق لا يموت.

والسؤال يبقى: متى يُلقى القناع، وتُرفع راية الموقف الحقيقي؟