• العنوان:
    نص عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر ح1
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    ثقافة
  • كلمات مفتاحية:


 

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

 "هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ عَلِيٌ أَميِرُ الْـمُؤْمِنِينَ، مَالِكَ بْنَ الْـحَارِثِ الأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ، حِينَ وَلاَّهُ مِصْرَ: جِبْوَةَ خَرَاجِهَا، وَجِهَادَ عَدُوِّهَا، وَاسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا، وَعِمَارَةَ بِلاَدِهَا.

 

أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ، وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ: مِنْ فَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ، الَّتِي لا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا، وَلا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَإِضَاعَتِهَا، وَأَنْ يَنْصُرَ اللهَ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ وَقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، فَإِنَّهُ ـ جَلَّ اسْمُهُ ـ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ، وَإِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ، وَيَزَعَهَا عِنْدَ الْـجَمَحَاتِ؛ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلَّا مَا رَحِمَ اللهُ.

 

ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ، أَنِّي قدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلاَدٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ، مِنْ عَدْلٍ وَجَوْرٍ، وَأَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ في مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاَةِ قَبْلَكَ، وَيَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللهُ لَـهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ. فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَامْلِكْ هَوَاكَ، وَشُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لا يَحِـلُّ لَكَ، فَـإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الإِنْصَافُ مِنْهَـا فِيَما أَحَبَّتْ وَكَرِهَتْ.

 

وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالْـمَحَبَّةَ لَـهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْـخَلْقِ، يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ، وَتَعْرِضُ لَـهُمُ الْعِلَلُ، وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي العَمْدِ وَالْـخَطَإِ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلَ الَّذِي تُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ، فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ، وَ وَالِي الأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ، وَاللهُ فَوْقَ مَنْ وَلاَّكَ، وَقَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ، وَابْتَلاَكَ بِهِمْ."

 


خطابات القائد