• العنوان:
    من يُقصرون ويفرطون هم ممن يقدمون على الله ووجوههم مسودة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    إن الآيات توحي بأن من يُقصرون ويفرطون قد يكونون ممن يقدمون على الله ووجوههم مسودة، فكيف إذا كان ممن يعمل ويتحرك، وتنطلق من فَمِه تلك الكلمات المثبطة للناس عن أن يسيروا على هدي الله فيحافظون على إسلامهم وينطلقون في مواجهة أعدائهم، فتنطلق منهم الكلمات المرعبة المخوفة المرجفة،

ويصبغون أنفسهم بصبغة الناصحين المشفقين، أليس هؤلاء ممن يسودون وجوههم ممن يقدمون على الله ووجوههم مسودة فيقال لهم: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (آل عمران: من الآية 106)؟ بل كنتم ممن يهيئ الساحة لتكفر بعد إيمانها، ممن يساعد على أن يترسخ في الأمة ويسري في الأمة الكفر بعد الإيمان.
التثبيط هو مِعْوَل هدم خطير على الأمة؛ لهذا قال الله مهددا لأولئك الذين كانوا يسلكون مثل هذا الطريق في أوساط المجتمع في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} (الأحزاب: من الآية 61) ملعونين أينما تحركوا، أينما التقيت بهم هم ملعونين، أينما التقيت بهم فاعرف أن الفارق فيما بينك وبينهم مليء بلعنة الله عليهم.
تستشعر هذا أنت أنك ستواجه ملعونين عند الله فلتكن حذرًا منهم {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} (الأحزاب:61) جديرين بأن يقتلوا أينما ثقفوا؛ لأن أعمالهم خطيرة، هم جسر الباطل، هم من يُعَبِّدون الطريق للكفر، هم من يعبِّدُون الطريق لأعداء الله ليضربوا الأمة، هم من يعملون على أن ترتد الأمة فتصبح كافرةً بعد إيمانها، بل تصبح جنودًا مجندة بكل ما تملك لأعدائها.
ثم كما قلنا سابقًا إذا انطلق معك من منطلق أنه ناصح لك ومشفق عليك ورحيم بك فارجع إلى أرحم الراحمين الذي يرشدك إلى هذا، هو الذي يرحمك فعلًا، هو الناصح لك، هو المشفق عليك، هو من يهمه أمرك، هو من لا يريد أن تُظلم فهو يرشدك إلى العمل فيما فيه عزتك وكرامتك ورفعتك، فيما فيه نجاتك في الدنيا ونجاتك في الآخرة من عذاب الله، وفوزك برضوان الله وبجنته.
هذه قاعدة يجب أن ننطلق عليها وأن تكون دائمًا مترسخة في أذهاننا أنه ليس هناك أحد أرحم بك من الله، فمن انطلق من منطلق النصح والإشفاق عليك والرحمة بك وهو يوجهك إلى خلاف هذا، إلى خلاف كتاب الله إلى خلاف آيات الله التي هي تنطلق من الرحمن الرحيم فاعرف أنه – سواء كان في واقعه مشفقًا عليك وناصحًا لك أو لا- أنه إنما يغشك من حيث يشعر أو لا يشعر، وأنك إذا ما قبلت ما قدمه إليك باسم نصح وإشفاق عليك ورحمة بك فإنك قد غشيت نفسك وظلمت نفسك؛ لأن هنا الرحمة، هنا النصح، هنا مظاهر الإشفاق عليك.

{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107) ابيضت وجوههم في مواقفهم في الدنيا، كانوا ملتزمين، كانوا من يهمهم أمر الأمة، من يهمهم أمر الدين، هم من يحملون نفوسًا كبيرة تَأْبَى الظلم، تأبى الذل، تأبى الاضطهاد، وتأبى الضَّيمَ، تغضب لله، تغضب للمستضعفين من عباد الله، تحمل العداوة الشديدة لأعداء الله، والغضب العارم على أعداء الله، هم من كانوا ينطلقون في مواقفهم على هدي الله،

فيقفون المواقف المشرفة مهما كان الحال ومهما كان الأمر، هؤلاء هم من يأتون يوم القيامة ووجوههم مُبْيَضّة وجوههم بيضاء مشرقة؛ لأنهم بيضوا وجوههم مع الله، مع دينه، مع أمته، مع إخوانهم، مع أمتهم، مع أبناء وطنهم فيقدمون على الله ووجوههم مُبْيَضّة، هؤلاء هم منهم في رحمة الله في الدنيا وفي الآخرة، إنهم يتحركون في رحمة الله، يتحركون في ظل الآيات، وعلى هدى الآيات آيات الله ربهم الرحمن الرحيم.
وفي يوم القيامة سيكونون في مستقر رحمة الله في الجنة يحظون برضوانه، ويحظون بالنعيم، هؤلاء هم من يستحقون كل شرف وكل كرم وكل تقدير، يستحقون المقام العالي عند الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا جاءت الآية بالتعبير السريع جدًا الذي يعبر عن جدارتهم بالجنة {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107)، كأنهم أصبحوا في الجنة، كأنهم صاروا إلى الجنة، وكأنه ليس هناك ما يمكن أن يحول بينهم وبين الجنة ولا لحظة واحدة {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران: من الآية 107).
{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} (البقرة: من الآية 252) {تِلْكَ} إشارة إلى هذه الآيات، وكلمة {آيَاتُ} تعني أعلام أعلام من الهدى، أعلام من البينات، أعلام إلى الحقائق. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} حق لا ريب فيه، حق لا شك فيه، حق لا يتخلف.
#سلسلة_سورة_آل_عمران (3- 4)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
{ولْتَكُنْ مِنْكُم أمَّة}
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 11/1/2002م
اليمن – صعدة
#الله_أكبر
#الموت_لأمريكا
#الموت_لإسرائيل
#اللعنة_على_اليهود

#النصر_للإسلام

خطابات القائد