كل واحد منا مع علمه بأن الدنيا مليئة بالضلال يتصرف لا يهمه أن يبحث عن الهدى، ولا أن يهتدي، ولا يهمه الموضوع، أنه ربما أكون على ضلال، ربما أكون على ضلال، لا أحد يتساءل، نمشي في الدنيا وكأننا محصنين، لدينا مناعة من الضلال!
أليس هذا هو الشعور السائد لدينا؟ كل شخص يمشي في الدنيا وكأن لديه مناعة من الضلال، أو هو لا يبالي ضل أو لم يضل، المهم أن أمشي [وين ما غدَّرت باتت] لا يهمه أن يقع في الضلال.
ولكن هذه السورة تؤكد لنا، ونحن نقرأها كل يوم عدة مرات: أن قضية البحث عن الهداية قضية مهمة، وأن الوقوع في صراط المغضوب عليهم، أو في صراط الضالين قضية خطيرة جدًا، تتردد على مسامعنا كل يوم عدة مرات، كم نقرأ الفاتحة في اليوم والليلة؟ عددوا، الفرائض مع النوافل التي نصليها كم تطلع الفاتحة؟ كم، كم تطلع؟ ما يقرب من عشرين مرة نقول في اليوم الواحد {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}.
عشر مرات بالنسبة للفرائض، ألسنا نقرؤها في الصلاة الواحدة مرتين نقرؤها؟ بل الآخرون يقرؤونها أكثر منا، في اليوم أضعاف، أليس الوهابيون يقرؤونها في كل ركعة؟ [عادهم مننا وكذاك].
فلاحظ أنه هذا العدد الكبير في اليوم والليلة، ونحن لا نفهم بعد، لا نلتفت ونتساءل لماذا أردد هذه العبارة في اليوم والليلة هذا العدد الكبير؟ لماذا؟ هل أحد يتساءل؟ لا نتساءل، ونصلي، يصلي واحد عمره لما قد هو شيبة، لا يتساءل، لا يقف مرة مع نفسه يتساءل لماذا تفرض الفاتحة بالذات من بين كل السور؟ ولماذا نرددها هذا العدد كل يوم وليلة، ماذا يعني؟
ستجد أن الفاتحة - كما قلنا سابقًا - الذي أخذ أكثر مساحة فيها هي مساحة الهداية، والخوف من الضلال. القرآن بكله يدور حول هذا الموضوع، هو أن يهدي الناس، ويبعدهم عن الضلال، وهذا هو خلاصة القرآن، خلاصة الدين بكله، خلاصة أن هذا العمل بكله هو أن نهتدي، ونبتعد عن الضلال.
لكن لا يهمنا أن نهتدي، ولا نبالي أن نقع في الضلال، هذه هي المشكلة، الله رحيم بنا، ولاحظ هذه من مظاهر رحمته أنك تجد الصلاة مظهر من مظاهر رحمته؛ لأنه داخل الصلاة يذكرك بأشياء مهمة داخلها.
{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} جعلها ذكر نردده عدة مرات؛ لأنه يريد لنا أن لا نقع في الضلال؛ لأن الضلال خطير علينا، في الدنيا وفي الآخرة.
ماذا أعمل لكم سأشرِّع لكم صلاة تذكرون فيها، ترددون فيها هذا الذكر، ولكن نردده ولا نلتفت ماذا يعمل الباري لنا، هل هناك وسيلة أخرى؟ عمل كل شيء، الشيء الذي لا يمكن أن يعمله أبوك، ولا أمك، ولا أرحم الناس بك.
قد تأتي أمك تقول لك: [با تحرق] مرتين، ثلاث، أليس كذلك؟ بعدها ستقول: [بو يدا، لا جِعْلك] أليسوا يقولون هكذا أحيانًا؟ أبوك يقول لك: [ارجع يا ِولَيد، إرجع يا وليد] مرتين، ثلاث، [أحسن لك ترجع، ولا فبويدا، إن شاء الله تسقط من على جِلْح] على ما بيقولوا، ماذا يمتلك أبوك، أو أمك؟ تردد تحذيرك، وتنبيهك على الخطورة. أما الله فيذكِّرنا في الصلاة قولوا دائمًا: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ لأن
الهداية مهمة بالنسبة لكم، والضلال خطير جدًا عليكم في حياتكم، ووراءه جهنم، رددوها كل يوم عدة مرات، رددوها
رددناها ولكننا لا نفهم ماذا يعمل لنا الله، ماذا يعمل بعد هذا، مظهر من مظاهر رحمته العظيمة، مظهر من مظاهر أنه رحيم بنا، رؤوف بنا؛ ولهذا جاءت آية: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} متكررة، بسم الله الرحمن الرحيم. تجد رحمة الله ماثلة أمامك في كل شيء بشكل لا أحد من الناس مهما كان يرحمك يمكن أن يكون على هذا النحو أبدًا. لكن كما قال الله: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس17) {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (الأحزاب72).
الإنسان ظلوم جهول، جهول لا يرضى أن يفهم، لا يرضى أن يعقل {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (الأحزاب72) ظلوم، جهول، يظلم
نفسه، ويظلم الآخرين، ويتنكر للنعم عليه، وجهول، يعجبه أن يبقى جاهلًا، لا يفهم، لا يرضى أن يفهم
دروس من هدي القرآن الكريم
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 1423ه
اليمن - صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
     الموت لإسرئيل
اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

خطابات القائد