• العنوان:
    الثورة الخالدة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في هذه الحياة يوجد طريقان لا ثالث لهما، إمّا طريق الحق وإمّا طريق الباطل، وعلى امتداد الزمن كما أنّ للحق دعاة وأنصاراً؛ فإنّ للباطل كذلك، وعندما يسود الباطل وينتشر يصبح من الضروري مواجهته والثورة عليه، وهذا ما تقتضيه السنن الإلهية، حتى لا يكون الناس ضحية الزيغ والضلال، فيعم الفساد وتنتشر الفوضى.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في الوقت الذي انحرفت فيه الأمة عن طريق الحق وفارقت أهله كان لا بد لها من قائد عظيم من سلالة النور ليُحدث وهجاً ينير لها طريق الحق ويصحح لها المسار الذي يجب أن تسير عليه، ويفك عنها قيود العبودية للشيطان وأوليائه من بني البشر، قائد يشكل بركان غضب يثور في وجه الطغاة والمستكبرين الذين حرفوا الدين وأضلوا المسلمين، و(اتَّخَذُوا دِينَ اللهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا) كما قال عنهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

قائد بحجم الإمام الحسين عليه السلام يرفض ذلك الواقع المظلم، ويرفض البيعة والرضوخ للظلمة والطغاة، قائد يجوب البلدان طلباً للإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لكن بدا حينها أنّ الأمة قد نالها من الضلال ما نالها على يد حكام بني أمية، حتى أصبحت تلك المواعظ والكلمات التي يلقيها عليهم ذلك القائد العظيم عديمة التأثير، فتكالب عليه القوم وجيشت الجيوش بأمر الحاكم الظالم للقضاء على ابن رسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى المشروع الإصلاحي الذي خرج يدعو الناس إليه. وعلى الرغم من كثرة الحشود التي جُيشت لحربه، وقلة العدة والعتاد الذي يمتلكه؛ إلا أنّ عظمة المشروع الإلهي الذي استوطن ذاته، وسيطر على كيانه وكل جوارحه، جعله يرى نفسه قوياً بالله وفي سبيل الله، ويرى ذلك الجمع هشاً وضعيفاً، حتى أصبحت كلماته وهو يواجه القوم على أرض المعركة شعارات يرددها أحرار العالم على مر العصور في مواجهة أشباه يزيد ومن يحملون مشروع يزيد.

فحيثما وجد ذلك المشروع الشيطاني وساد الظلم في الساحة الإسلامية لابد في مواجهته من ثورة تحمل مشروع الحسين ومنهج الحسين، مشروع العدالة الإلهي الذي يجعل من هذه الأمة أمة جديرة بالاستخلاف على هذه الأرض، واستلهام القدوة من ذلك القائد الشجاع في مواجهة قوى البغي والضلال مهما كان حجم التحديات، ومهما بلغ الباطل وحزبه. قائد نستلهم منه أيضاً الصبر والصمود والمقاومة والانتصار للقضية العادلة وإن وصل بنا الحال لأن نقتل كما قُتل عليه السلام في يوم عاشوراء.

 

إنّ أعداء الإسلام يدركون جيداً مدى تأثير تلك الشخصية وتلك الواقعة على نفوس المسلمين في مواجهتهم لهم؛ لذا حرصوا كل الحرص على تغييب الإمام الحسين من ثقافتنا وكتبنا ومناهجنا الدراسية، حتى لا نكون حسينين في مواجهة كل ما هو يزيدي، لخطورة ذلك على مشاريعهم التدميرية؛ لأنّ في ثورته الكثير من الدروس والعبر التي تبعث روح المقاومة في النفوس، وتجعل الباطل يبدو ضعيفاً أمام أصحاب الحق، مهما كانت قوته وإمكاناته.

سيبقى الإمام الحسين مدرسةً تتعلم منها الأجيال كيف تنتصر على الباطل وجبروته وطغيانه، وألا سبيل للتراجع مهما كان حجم التحديات والتضحيات في سبيل إقامة المشروع الإلهي.

وكم نحن بحاجة ماسة اليوم ونحن نعيش هذه الذكرى الأليمة والملحمة العظيمة أن نكون حسينيين في مواجهة أعداء الإسلام من اليهود والأمريكان الذين نشروا الفساد في الأرض وأهلكوا الحرث والنسل، ومعهم صهاينة العرب الذين يأتمرون بأمرهم ويسلكون نهجهم، ولا يجدون حرجاً في التطبيع معهم وإعلان الولاء لهم، بل يتباهون بالتبعية لهم وما وصلوا إليه من الذل والخزي والهوان.

وما سبب هذا العدوان على هذا الشعب المظلوم إلا موقفه المعادي لأعداء الله والبراءة منهم، لأنّه اتخذ القرآن مشروعاً ليكون منهجاً له في هذه الحياة، ذلك المشروع الذي دعا إليه حسين العصر، حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- الذي ضحى بنفسه وماله من أجل إحيائه، وستة حروب ظالمة على صعدة وأهلها كانت فيها التضحيات جسيمة؛ لأنّ قوى الشر تضيق ذرعاً بكل مشروع يناهض مشروعها الشيطاني في كل زمان ومكان.

وما تلك الانتصارات التي يحققها أبناء الشعب اليمني العظيم على مدى ستة أعوام من العدوان الظالم وتكالب قوى الشر عليه؛ إلا ثمرة من ثمار النهج الحسيني في مقاومة الباطل والظلم، وسيظل الشعار الحسيني "هيهات منا الذلة" هو شعار كل اليمنيين الأحرار وهم يتصدون لهذا العدوان الذي لم يترك وسيلة إلا حاربه بها.

وعلى الرغم مما يقوم به الأعداء في حربهم العدوانية الشرسة، إلا أنّ هذا الشعب الأبي الصامد سينتصر –بإذن الله- على كل قوى الشر والاستكبار كما انتصر الدم على السيف في أرض كربلاء.

 

تغطيات