• العنوان:
    مدينة النور
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    على هذه الأرض الطيبة تنتمي هذه البقعة المباركة التي سمعنا عنها كثيراً من الآباء والأجداد وعن الخير الذي كان يعمها، والقوافل التي تذهب منها محملة بشتى أنواع الحبوب إلى مختلف المناطق اليمنية، والخضرة التي كانت تحيطها من أغلب الاتجاهات حتى بدت كالوردة لوجود غيل الماء الذي يسقي عطشها وعطش أبنائها.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:
    مقالات

تلك هي مدينة الغيل بمحافظة الجوف التي كانت كغيرها من المناطق تنعم بالخير والسلام، ولكنها بعد ذلك أصبحت محط إهمال الحكومات المتعاقبة، ودخل أهلها في العديد من الحروب والثارات التي أثرت تأثيراً سلبياً كبيراً عليهم، وسُلبت ذلك الخير الذي كان يعمها.

 وكغيرها من المناطق وبعد انتشار المذهب الوهابي بدأ يتسلل إليها دعاة ذلك المذهب من الداخل والخارج ، لكن الله منّ على أهلها بمن يعلمهم ويبصرهم بمدى ذلك الخطر الذي يحدق بهم إذا لم ينهضوا لمواجهته، فكان لأولئك الأساتذة الأجلاء الذين حلوا من مدينة العلم والسلام (صعدة) في بداية تسعينات القرن الماضي الدور الكبير والعظيم في تعليم أبنائها وتثقيفهم، حتى صدعت المنابر بالحق وفُعلت المدارس العلمية والمراكز الصيفية، وعادت الروح والحياة لهذه الأرض من جديد، حتى أسماها أحد أساتذة العلم بـ(المدينة المنورة)، للنور الذي حل فيها وانتشلها من غياهب الظلام.

حاول دعاة المذهب الوهابي بمختلف الطرق والوسائل القيام بالعديد من الأعمال والأنشطة لإطفاء ذلك النور ومحو ذلك الهدى، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.

وعندما انضم الشباب المؤمن من طلاب تلك المدارس للمسيرة القرآنية، ضاق دعاة ذلك المذهب ذرعاً، ومعهم النظام الغابر الذي قام بشن حرب ظالمة على أهلها في عام 2011م، فدمّر المدينة وقتل وشرد المئات من أهلها، وبعد شهور من الحرب ودفاع أبناء هذه المنطقة عن دينهم وأرضهم؛ تم وضع صلح استمر إلى ما يقارب ثلاثة أعوام، كان أبناء هذه المدينة في تلك الفترة يشعرون بحاجتهم أكثر للانضمام لهذه المسيرة المباركة، فكان ذلك كابوساً مرعباً للقوى الظلامية ومرتزقتها، فعملوا كل ما يستطيعون لمحاربتهم، وعندما وجدوا أنفسهم عاجزين عن ثني أولئك الشباب عن مسيرتهم، ما كان من تلك القوى إلا أن حشدت مرتزقتها ودعمتهم بالمال والسلاح وشنت حرباً ظالمة أشد وحشية من سابقتها، وذلك في يونيو 2014م، استخدم فيها سلاح البر والجو، خلت المدينة من ساكنيها، قتل وجرح الكثير من أبنائها، شرد الآلاف، انقضت ثلاثة شهور من العدوان على هذه المدينة، فما انقشع غبار الحرب إلا عن الكثير من القتل والخراب والدمار، وعاد بعد ذلك سكان المدينة إلى منازلهم، بدأوا بإعادة إعمار ما دمرته الحرب الظالمة، ولكن بعد أقل من عام قام تحالف الشر بشن عدوانه البربري الغاشم على اليمن، هذا العدوان الذي لم يستثن شيئاً على هذه الأرض، فأهلك الحرث والنسل، وكان لهذه المدينة نصيبها الكبير من القتل والخراب والدمار والتشريد لكافة أهلها، وبعد أعوام من العدوان عليها تم تحريرها من أيدي العدوان ومرتزقته في مارس 2020م على أيدي أبنائها الأحرار وأبناء الجيش واللجان الشعبية، وقد تبين بعد ذلك مدى ما نالها من هذا العدوان البربري الغاشم من الخراب والدمار الكبيرين، فبدت أشبه ما تكون بمدينة أشباح، عبثت تلك الأيدي الآثمة بكل شيء حتى مقابر الشهداء التي تم تدميرها بشكل شبه كلي، مما ينبئ عن مدى حقدهم ووحشيتهم.

لقد كان ما جرى على مدينة الغيل إحدى الملاحم التي جرت على أرض هذا الوطن ضد قوى الشر من اليهود وآل سعود ومن تحالف معهم، وسيخلدها التاريخ اليمني ضمن ملاحمه الخالدة للأجيال القادمة.

وبتكاتف أبناء هذه المدينة وتعاونهم لإعمارها وإصلاح ما أفسده العدوان الظالم خلال تلك الأعوام، ستعود –بإذن الله- كما كانت سابقاً مدينة النور.

تغطيات