-
العنوان:نحن حقا لا نعرفهم وهم ليسوا منا
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:أبو القاسم وضعني أمام حقيقة أن أنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي لم يعيدونا إلى زمن تقبيل الركب فقط وإنما إلى زمن أكثر نبلا وعزة، بتنا نقبل فيه الأرجل والأحذية دون أن نسأل صاحب الرجل والحذاء عن هويته واسمه وانتمائه الأسري أو المناطقي
-
التصنيفات:مقالات
أبو القاسم وضعني أمام حقيقة أن أنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي لم يعيدونا إلى زمن تقبيل الركب فقط وإنما إلى زمن أكثر نبلا وعزة، بتنا نقبل فيه الأرجل والأحذية دون أن نسأل صاحب الرجل والحذاء عن هويته واسمه وانتمائه الأسري أو المناطقي أو السياسي، قبلة لم يطلبها أحد، و لم تكن بقرار مسبق، و لم تكن تملقا و إنما امتنانا وفعلا عفويا لا إراديا، تجبلك عليه فطرتك السوية..
أبو القاسم شاب عشريني يلقب نفسه باسم المشرف الذي كان مسؤولا عنه قبل أن يستشهد في إحدى الجبهات ويوصي أبو القاسم بقيادة المجموعة خلفا له..
صعقني تماما هذا الشاب الوسيم جدا، الذي يخوض غمار السباق على الطرقات الوعرة مع صواريخ الطائرات الحربية والاستطلاعية بشكل شبه يومي، ويغامر في كل صباح بخوض هذا السباق وهو يعلم يقينا بأنه قد يكون آخر يوم له في مضمار السباق وفي حياته بأكملها.
المدد للجبهات هو ما لا يمكن أن يتوقف ليوم واحد إلا في حال كان الوصول إلى المناطق التي يتواجد فيها المجاهدون مستحيلا وليس هناك طريق توصل المدد إليهم، وأبو القاسم وأمثاله هم المدد..
كان لي شرف التعرف على أبو القاسم الذي تعلو وجهه ابتسامة نجوم السينما والإعلانات، و كان ذلك في زيارتي لإحدى الجبهات على الحدود لزيارة المجاهدين بمناسبة العيد، كان أبو القاسم يقود الطقم المحمل بالمدد و عدد من الزائرين، و كان يخترق كالسهم الفضاء و يزمجرويطلق صيحات شبيهة بأصوات الهنود الحمر التي يطلقونها و هم يخوضون معاركهم مع الغزاة الأوربيين لبلادهم في أميركا الشمالية، و على طقم آخر كنت أنا و رفاقي، نسابقه في قلب أحد الأودية الوعرة و الصحارى المفتوحة، كان يسبقنا حينا وكنا نسبقه حينا، و كلنا حماس أن لا يتمكن من الوصول إلى نقطة النهاية قبلنا، حتى أن حماسته أنستنا أن فوق رؤوسنا تحلق " زنانات " العدوان و طائراته الحربية التي تبحث عن من تقتله، و صلنا إلى النقطة الأخيرة و كنا نحن قد سبقنا أبو القاسم، وكنت مهتما جدا بانتظار وصوله للتعرف عليه و المفاخرة بأنا سبقناه، و لكني عند وصوله تجمدت و لم أعد قادرا سوى على التحليق فيه و هو ينزل من مقعد السائق متكأ على عكازين و يرفع رجله و ساقه اليمنى التي يثبت عظامها مجموعة من المسامير المغروزة فيها من حد الرسغ إلى أسفل الركبه، وهذه الرجل هي ذاتها التي يعتمد عليها في دواستي البنزين و " الكليش " أو ناقل السرعة، بدت قدمه و ساقه متورمة و حجمها ضعفي حجم قدمه و ساقه السليمة، يتحرك بالعكاز بصعوبة و يتكأ عليهما، و هو فعلا لا يمكن أن يسير من دونها، و لكنه لا يعير ساقه المهشمة أي اهتمام عندما يتحرك في أداء واجبه الجهادي، الصدمة و الذهول لازمتني لأكثر من نصف ساعه وأنا اتأمل في ساقه و ابتسامته و حديثه البشوش و المفعم بالحوية معنا ومع رفاقه و باقي الزوار، في وقت كنت أتحسس فيه شيء من الألم في يدي و ركبتي و ظهري بسبب المطبات التي أثرت علي أنا وزملائي بفعل وعورة الطريق وسرعة حركتنا، كنت مرهق جدا و كان أبو القاسم و كأنه للتو أفاق من نوم عميق لساعات طويلة، أتحسس ركبتي من ألم تافه، و يبتسم أبو القاسم بكل تلك الكسور و المسامير في رجله وكأنها مسامير في خشبة ملقية على الأرض و ليست ساقه.
عندما كان وقت الزيارة قد انتهى و كان لابد من المغادرة قبل حلول اليل و جدت نفسي - و من دون أن أشعر و من دون أن اسأله حتى عن اسمه و منطقته و طبيعة عمله و سبب إصابته - انحني إليه مقبلا قدمه، والله إني لم أشعر بسعادة على قبلة سبقتها في حياتي حتى التي وضعتها على الحجر الأسود كما شعرت بمثل سعادتي بهذه القبلة التي استفزته و صدمته ، فقلت له و الله ما جئنا إلا لننحني لكم و نقبل أقدامكم، و ما لدينا ما نقدمه لكم أو نتفضل به عليكم، فزيارتكم شرف منحتمونا إياه و تقبيل أحذيتكم منة لكم علينا وواوجب علينا لكم ،،
في اليوم التالي بعد أن أمضيت مع زملائي الزائرين ليلتنا مرابطين في أحد المواقع كان أبو القاسم قد عاد مجددا إلى الموقع الذي نحن فيه حاملا المدد لرفاقه، وكان لنا شرف العودة معه من الجبهة، و رددنا معه صهيله عندما كان يشق الصحراء و الوادي و سفح الجبل رافضا أن يتوقف للتمويه بفعل تحليق الطيران فوقنا، فهو يعتقد أن الطيران لن يصيبه إلا إذا توقف و هو يفضل خوض السباق مع الطائرة والصاروخ على أن يتوقف فتصيبه صواريخ الطائرة مرة ثانية و يستشهد رفاق آخرون له كما حدث معه قبل قرابة العام ..
القصة الكاملة عن إصابته واسمه وهويته ومنطقته وطبيعة عمله عرفناها عندما تناولنا طعام الغداء في منزله بعد أن أصر و بطريقة لا تترك لك فرصة للاعتذار عن تلبية عزومته لنا، حاولنا إقناعه بأن يتوقف عن العمل وأن يرتاح حتى يتماثل للشفاء، فرد مبتسما بأنه لا يشعر بالألم إلا إذا توقف و أن اصابته تتحسن أكثر عندما يكون في الجبهات مع الله، و قال " لو تهدروا معي لما غدوه أني أوقف و ارتاح ما به فايدة، و لو قلت لكم مرحبا، فما هو إلا مجبر، عتغالطكم به و ما أنا موقف، و العافية باتجي أسرع طالما أنا مع الله ".
في الجبهات تشعر أنك خرجت من كل هذا العالم إلى نقطة لم يسبق وأن سمعت عنها أو عن سكانها، وتكتشف قوما يحملون أخلاقا وروحية ربانية وانسانية، لا يكفي أن تقرأ عنها في القرآن أو في السير أو حتى في ملازم السيد حسين رضوان الله عليه، وكل خلق وسلوك يمكن أن يصف أهل الجبهات، لن تعرف معناه وكنهه مالم تكن قد زرتهم.
أبو القاسم نموذج لبقية المجاهدين، ويكبر قلبك وتتهلل أساريرك عندما تسمع من أبو القاسم، رواياته عن رفاقه الذي يقول إنه لا يعدل أحدا منهم في التضحية والبذل والتوجه إلى الله، وهو يبدو محقا في قوله وأيضا متواضعا ومنكرا لذاته، وهذا هو حال وخلق كل المجاهدين في الجبهات، المعزولة عن اهتماماتنا وفهمنا، والبعيدة عن رداءة واقعنا وكل العالم.

تغطية إخبارية | حول التطورات والمستجدات في قطاع غزة | مع عبدالمجيد شديد و راسم عبيدات و خالد غراب و نضال زهوي 12-12-1446هـ 08-06-2025م

تغطية إخبارية | عن آخر التطورات في قطاع غزة المنطقة | مع العقيد أكرم كمال سيروي و إيهاب شوقي و جواد سلهب و د. محمد الشيخ و د. علي بيضون 11-12-1446هـ 07-06-2025م

تغطية إخبارية | عن آخر التطورات في قطاع غزة المنطقة | مع العميد نضال زهوي و خالد بركات و د. عبدالملك عيسى و فهمي اليوسفي و خليل نصر الله و العميد علي أبي رعد 10-12-1446هـ 06-06-2025م

تغطية إخبارية | بمناسبة عيد الأضحى المبارك وآخر التطورات في قطاع غزة | مع زهير مخلوف و طالب الحسني و فراس فرحات و عصري فياض 10-12-1446هـ 06-06-2025م

الحقيقة لاغير | تأملات في طبيعة التعليم الديني عند اليهود وفي الدول العربية 29-11-1446هـ 27-05-2025م

الحقيقة لاغير | النتائج الخطيرة التي تحدق بالعرب والمسلمين بسبب تفرجهم على جرائم الإبادة الصهيونية الامريكية في #غزة 26-11-1446هـ 24-05-2025م