لبنان.. العدوان متجدّد والاتّفاق لحجز الرد
لا يمكن فهمُ تصعيد كَيان الاحتلال على لبنان من خلال الحدث نفسه فحسب، بل في سياقه الاستراتيجي الأوسع؛ وهو سياق حرب مُستمرّة بوسائلَ أُخرى، تهدفُ إلى فرض موازين قوة جديدة على الأرض لمصلحة كَيان الاحتلال، واستكمال عملية إضعاف المقاومة التي باشرها خلال الحروب السابقة.
ومن خلال قراءة متأنية لأحداث الأشهر الماضية، يتّضح أن كَيان الاحتلال لا يتعامل مع اتّفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في نوفمبر 2024 إلا كأدَاة مرنة تُوظَّف لتحقيق أهدافه.
فكَيان الاحتلال يحوِّل الخروقات
المنهجية إلى واقع جديد، ويعمد إلى إعادة رسم الحدود والتوازنات دون الحاجة إلى حرب
مفتوحة، عبر استراتيجية تقوم على فرض الوقائع على الأرض وتراكم الإنجازات لتحقيق
مكاسب سياسية مستقبلية.
لقد تجاوزَ كَيان الاحتلال سياسة
الردع التقليدية إلى استراتيجية هجومية مُستمرّة، تهدف إلى حرمان حزب الله من أية فرصة
لإعادة بناء قدراته.
وهو ما أكّـده تصريح مسؤول إسرائيلي
بأن «جولة إضعاف حزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام»، وبأن «يمكن إضعافه بشكل
كبير لسنوات طويلة بمُجَـرّد قتالٍ يستمر أيامًا قليلة».
وهذا يوضّح أن الهدف الإسرائيلي ليس
ردعًا مؤقتًا، بل شلّ القدرة الدفاعية للمقاومة لفترة طويلة.
الاغتيال: استراتيجية وليس حادثًا
في هذا الإطار، يأتي استهداف الاحتلال
للقيادات البارزة في حزب الله، مثل القائد هيثم الطبطبائي، كإجراء عملياتي ضمن استراتيجية
شاملة.
فهي لا تتردّد في استهداف أية شخصية
ذات وزن متى توفّرت عنها معلومات استخبارية، بغضّ النظر عن الحسابات السياسية أَو توقيت
الحدث، كما حدث حين تزامنت الغارة مع ذكرى استقلال لبنان.
وقد برهنَ كَيان الاحتلال على أنهُ
لا تأبهُ للدعوات الدولية ولا للمبادرات اللبنانية؛ إذ اعتبر الرئيس اللبناني
جوزيف عون أن استهدافَ الضاحية «دليل آخر على أنها لا تأبه للدعوات المتكرّرة لوقف
اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدولية».
اتّفاقية الهُدنة.. غطاء للعدوان
لقد حوّلَ كَيان الاحتلال اتّفاق وقف
إطلاق النار إلى غطاء لاستمرار عدوانه.
فقد أسفرت الغاراتُ منذ دخول الاتّفاق
حيز التنفيذ عن استشهاد 331 شخصًا وإصابة 945 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية.
كما استمر في احتلال خمسة تلال
لبنانية استراتيجية، رغم أن الاتّفاق ينص صراحةً على انسحابه منها، في ترسيخٍ
متعمّد لاحتلال جديد وفرضٍ لأمرٍ واقع.
العجز اللبناني الرسمي: بياناتٌ
لا غير
في المقابل، يعاني الموقف اللبناني
الرسمي من ضعفٍ واضح وعجزٍ عن مواجهة هذا العدوان؛ إذ يرفض كَيان الاحتلال بشكل
منهجي أية مبادرات لبنانية للتفاوض.
فقد جدّد رئيس الوزراء اللبناني نواف
سلام استعدادَ بيروت للانخراط في مفاوضات غير مباشرة مع كَيان الاحتلال عبر وساطة
دولية، مُشيرًا إلى أن كَيانَ الاحتلال «يرفض أي نقاش حول مِلفات أَسَاسية مثل
ترسيم الحدود البرية، وانسحاب القوات الإسرائيلية، ووقف الغارات».
ويبين هذا الرفضُ الإسرائيلي
للمبادرات اللبنانية أن الاحتلال لا يسعى إلى تفاوضٍ حقيقي، بل إلى تفاوضٍ يخدم
رؤيته فقط؛ فهو يرفض ما يصفه بـ«التفاوض الضيّق» الذي يريده لبنان، وترغبُ في
توسيع نطاق المفاوضات نحو «تطبيع تدريجي» وربط أي تقدم بترتيبات أمنية وسياسية
أوسع، وهو ما ترفضه بيروت؛ باعتبَاره شكلًا من أشكال التطبيع غير المقبول.
وهذا المأزق يضع الدولة اللبنانية في
موقع ضعيف، حَيثُ يقتصر دورها على إصدار البيانات والإدانات، كما فعلت بعد غارة
حارة حريك، دون أن تمتلك أدوات فعلية لردع العدوان أَو حتى إجبار كَيان الاحتلال على
احترام الاتّفاقيات القائمة.
حرب نفسية وتضليل منهجي
في خضم هذا الضغط، يمارس كَيان
الاحتلال أَيْـضًا سياسة منهجية للتضليل حول خطواته ونواياه.
فقد انتشر خلال الساعات الماضية
تصريح منسوب زورًا لمسؤول في حزب الله عبر تطبيق «واتساب»، في محاولة لتشويه صورة
الحزب وموقفه.
هذه الحوادثُ ليست بريئة، بل هي جزءٌ
من الحرب النفسية والإعلامية التي يشُنُّها كَيانُ الاحتلال لتشويش الرأي العام
وخلق انقسامات داخلية، وهي تكتيكٌ معروفٌ في حربها الشاملة ضد المقاومة.
إن هذا التضليل، إلى جانب التصريحات
الإسرائيلية التي تتهم حزبَ الله بإعادة التسليح وتحميل لبنان المسؤولية، يشكّل أدواتٍ
لخلق ذرائع تبرّر استمرار عدوانها، وتمهّد الرأي العام العالمي لأي تصعيد مستقبلي.
الخاتمة: على حافة الهاوية
باختصار، إن النوايا الإسرائيلية
العدوانية تجاه لبنان واضحة ولا لَبس فيها.
فهي تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفَينِ
رئيسيين: منع حزب الله من استعادة عافيته العسكرية، وفرض شروط جديدة على الأرض تمهّد
لمرحلة سياسية تكون فيها الأوراق كلها بيدها.
ولتحقيق ذلك، يستخدم كَيان الاحتلال مزيجًا
من القوة العسكرية المباشرة، والضغط الدبلوماسي، والحرب النفسية، واستغلال ضعف
الموقف الرسمي اللبناني.
وفي مواجهة هذا المشروع، يبقى مصيرُ
التصعيد رهنًا بقرار حزب الله الذي يجسّدُ إرادَة المقاومة.
وهو قرار مرتبطٌ بمعادلة دقيقة توازن
بين ضرورة الرد على العدوان، ومراعاة الظروف الداخلية والإقليمية الحرجة، والحفاظ
على القوة المتبقية لمواجهة أية تطورات أكبر في المستقبل.
لا يمكن لأحد أن يتكهّن بمسار الأمور مستقبلًا وما قد يقدم عليه حزب الله، لكن اليقين الوحيد هو أن كَيان الاحتلال يواصل عدوانه، وأن لبنان الرسمي عاجز عن ردعه، وأن المنطقة تتحَرّك على حافة الهاوية، بحيث تظل جميع السيناريوهات –بما فيها احتمال الانزلاق إلى حرب واسعة– مفتوحة.
غزة: العدو يواصل إجرامه بقتل طفل وإصابة 10 والمقاومة تستخرج جثة أسير لتؤكد التزامها
متابعات | المسيرة نت: واصل العدو الصهيوني جرائمه في غزة، مقابل التزام المقاومة الأخلاقي في ظلّ واقع ميداني يشتدّ تعقيداً في القطاع، حيث تتقاطع مشاهد الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين مع ما تبذله الفصائل من جهود إنسانية دقيقة في ملف الأسرى، رغم المخاطر الكبيرة على الأرض وانعدام الإمكانيات.-
22:18مصادر فلسطينية: اشتباكات مسلحة بين قوات العدو والمجاهدين في المنطقة الشرقية من مدينة نابلس بالضفة المحتلة
-
22:03مصادر فلسطينية: إصابة مواطن بقصف دبابة للعدو الإسرائيلي شرق مدينة غزة
-
22:02وزارة الداخلية بغزة: شهيدان وعدد من الجرحى بانفجار داخل منزل في حي النصر بمدينة غزة
-
21:44قائد السرب 34 في القوات الجوية الأمريكية: الإطلاق المباشر الذي تعرضت له مقاتلات "إف-35" فوق اليمن هو الأول من نوعه خلال مهام "قمع الدفاعات الجوية" منذ 20 عاما
-
21:44قائد السرب المقاتل 34 في القوات الجوية الأمريكية: مقاتلات "إف-35" تعرضت لإطلاق نار مباشر فوق اليمن أثناء عملياتنا السابقة
-
21:37مصادر سورية: قوات العدو الإسرائيلي تمنع سكان قرية الحميدية بريف القنيطرة الشمالي من إِصلاح خط ضخ المياه القريب من القاعدة العسكرية المستحدثة في محيط القرية