عندما تصبح البيروقراطية سياجًا من العبث.. قصة معاناة مواطن مع أوراق تجاوزها الزمن
في اليمن، إذَا أردت أن تختبر قوة أعصابك، فلا داعيَ للقفز المظلي من الستراتوسفير، حَيثُ طبقة الأوزون، أَو الوقوف أمام الأسود الضواري في صحراء جرداء، بل يكفي أن تحاول إنجاز معاملة حكومية! ستكتشف حينها أن الشجاعة ليست في مواجهة المخاطر، بل في مواجهة المكاتب الحكومية المحنطة.
فالبيروقراطية في اليمن ليست مُجَـرّد إجراءات حكومية مملة، بل تتحوّل في كثير من الأحيان إلى متاهة واسعة تُرهِقُ المواطن وتُشعره أنّه يقف وحيدًا أمام آلة عملاقة لا تعرف المنطق ولا تعترف بالزمن.
وهذه الحكاية ليست رواية متخيلة، بل
تجربة حقيقية تلخّص رحلة معاناة تمتد بين وزارة المالية ووزارة التعليم العالي
وجامعة صنعاء، رحلة تكشف حجم الفجوة بين ما يجب أن تكون عليه المؤسّسات وبين ما هي
عليه فعلًا.
بدأت القصة حين توجّـهتُ بمعاملتي
إلى وزارة المالية، فإذا بالمدير المسؤول – وخلافًا لما طلبه من زملائي - يرسلني
في مغامرة جديدة عنوانها: "اذهب إلى وزارة التعليم العالي..
وأتحداك أن تعود"، حَيثُ طلب
مني تعميد وثائقي من وزارة التعليم العالي، رغم أنّ تلك الوثائق صادرة من جامعة
صنعاء نفسها، الجامعة الحكومية الأمّ التي يُفترض أن أوراقها معتمدة ومعتبرة في
كُـلّ مؤسّسة في الدولة.
لكن المنطق يتبخر حين تحضر
البيروقراطية، ويصبح على المواطن أن يمرّ على كُـلّ مكتب ونافذة حتى يُثبت ما هو
مثبت أصلًا.
وهكذا وجدتُ نفسي داخل مبنى التعليم
العالي، حَيثُ دفعتُ الرسوم - بشكل رسمي - عشرة آلاف ريال، ثم فوجئتُ بطلبات إضافية
تكاد لا يصدقها عقل، من بينها (استمارة إخلاء طرف من الجامعة) وَ(استمارة توزيع
نسخ رسالة الماجستير)، تلك التي أنجزتها قبل أربعة عشر عامًا! لأنهم واثقون -
ببلادة غريبة - أنها موجودة في أرشيف الدراسات العليا بجامعة صنعاء!
بعد نفس عميق استوعبت الصدمة وتوجّـهتُ
إلى الأرشيف، وقد بدت على وجهي ملامح الخبل، حَيثُ أمشي وأكلم نفسي – لو صح تسمية
الهذيان كلامًا – وهناك بحثتُ وسألتُ وانتظرتُ، لكن لم أجد عينًا ولا أثرًا لتلك
الاستمارات.
ضاعت؟ تلفت؟ لم تُحفظ يومًا؟ لا أحد يعرف،
ولا أحد مسؤول.
ثم يأتي الحل العبقري: "أعد
طباعة الاستمارات.. واذهب بها إلى كُـلّ مكان زرتَه قبل 14 سنة"، المراكز
والمكتبات والجهات المختلفة، لأطلب من كُـلّ جهة أن توقع لي بأنني قبل أربعة عشر
عامًا قد سلّمتها نسخة من رسالة الماجستير! وأن تُخلي طرفي قبل أربعة عشر عامًا!
وكأن الزمن لم يمر، وكأن الدولة لم تتغير، وكأن الملفات لا تزال موضوعة على الرف
تنتظر توقيعًا ضاع في غبار الماضي، فقط لإسعاد البيروقراطية التي تعشق الأوراق
عشقًا لا يفهمه أحد.
والأغرب من كُـلّ ذلك أنّ هذه
الاستمارات مصممة أصلًا لإصدار شهادة التخرج التي صدرت فعلًا لأن كُـلّ هذه
المتطلبات كانت موجودة في حينه.
أما التعليم العالي؟ فهو يريدها
اليوم ليس لإصدار شهادة جديدة، بل فقط لتصديقها!، ولكني وجدتُ نفسي مضطرًا للركض
خلف أوراق لا أعرف ما حاجة التعليم العالي إليها الآن؟؛ مِن أجلِ تصديق الشهادات، وكأنه
في تحقيق استقصائي لتاريخ أخوكم الضعيف الأكاديمي، بكافة أوراقه التي أكل عليها
الدهر وشرب.
عندما يصبح الماضي شرطًا للمستقبل، وتتحول
الأوراق القديمة إلى أشباح تطاردك في الحاضر، وتُعامل كأنها كنوز مقدسة..
رغم أنها لم تكن مقدسة يومًا، فأنت
تقف أمام غول اسمه "البيروقراطية"، ذلك الثقب الأسود الذي يبتلع وقت
المواطن وماله وصبره.
إنها السلسلة المعقدة من القرارات
غير المنطقية التي تولّد السخط في الشارع، وتُشعر الناس بأن الدولة لا تعمل لأجلهم،
بل ضدهم.
ليست المشكلة في موظف هنا أَو مدير
هناك، بل في منظومة كاملة تستنسخ الأخطاء وتُعيد إنتاجها دون وعي أَو مساءلة.
ويبقى المواطن في دوّامة من
التوقيعات، يجري وراء أوراق لا يعرف إن كانت حقيقة أم خيالًا إداريًّا، وفي بلد
يعاني ما يعانيه اليمن يصبح أقل ما يتمناه المواطن هو أن يجد مؤسّسات حكومية تخفف
عنه لا أن تُثقله، تُسهّل معاملاته لا أن تعيده إلى نقطة البداية، تُشعره بأنه
مواطن له حق لا أن تضعه في صف طويل من الإذلال وضياع الحقوق والأموال والأوقات، وها
أنا أجد نفسي بدلًا من الكتابة عن الإنجازات الأمنية التي تعلن عنها وزارة
الداخلية تباعًا، أكتب عن بعض أسباب الدفع بالمجتمع إلى مزالق السخط، فيما يهيئ الأجواء
للخونة والعملاء.
في الأخير: ما لم تُراجِع هذه الجهات
آلياتها، وما لم تُبْنَ المؤسّسات على أسس واضحة ومنطقية، سيظل المواطن ينتقل من
مرحلة التذمر إلى مرحلة السخط الحقيقي من أداء الحكومة، ومن هذه البيروقراطية
الجديدة والقديمة على حَــدّ سواء.
فالبيروقراطية ليست مُجَـرّد إجراء، إنها موقف رسمي يصنع غضبًا عامًا، ويقتل المستقبل، ويغرس اليأس في نفوس الناس.
تأخر الرواتب وتآكل المعيشة.. حكومة الخونة تواجه أسوأ أزمة مالية
خاص| المسيرة نت: تتسع دائرة المعاناة في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعودي في ظل تقارير دولية تتحدث عن ضائقة مالية تواجه حكومة الخونة.
13 شهيداً في لبنان إثر غارات صهيونية على مخيم للاجئين الفلسطينيين
متابعات | المسيرة نت: في تصعيد هو الأخطر منذ أشهر، أقدم العدو الصهيوني على استهداف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان بطائرة مسيّرة، ما أدى إلى ارتقاء 13 شهيداً وعدد من الجرحى، في اعتداءٍ يكشف توجهاً عدوانياً متسارعاً ضد المدنيين.
والاس: تصويت مجلس الأمن لصالح القرار الأمريكي حول غزة "عار مُخزٍ"
وصف السياسي الإيرلندي وعضو البرلمان الأوروبي سابقا، ميك والاس، اليوم الثلاثاء، تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح القرار الأمريكي بشأن غزة بالعارٌ المُخزٍ.-
23:33الصحة اللبنانية: 13 شهيدا في غارة للعدو الإسرائيلي على مخيم عين الحلوة بمدينة صيدا جنوبي لبنان
-
23:31الخارجية الإيرانية: نحذر من عواقب أي إضفاء شرعية على احتلال قطاع غزة من الكيان الصهيوني وتقسيمه وفصله عن جغرافية فلسطين الموحدة
-
23:31الخارجية الإيرانية: نؤكد على شرعية المقاومة ضد الاحتلال والفصل العنصري ونعتبر المقاومة ردا مشروعا على استمرار احتلال الأرض الفلسطينية
-
23:30الخارجية الإيرانية: قرار مجلس الأمن يتناقض مع حقوق الشعب الفلسطيني، وبفرضه نوعًا من الوصاية على قطاع غزة يحرمه من حقوقه الأساسية
-
23:13وزارة الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الشهداء في غارة العدو الإسرائيلي على مدينة صيدا إلى 11
-
23:12مصادر سورية: مدفعية العدو الإسرائيلي تقصف حرش تل أحمر بريف القنيطرة الجنوبي