المولد النبوي وخطاب القائد.. فجر جديد للراية المحمدية وصراعها مع أهل الكتاب
آخر تحديث 06-09-2025 21:46

خاص | المسيرة | منصور البكالي: صنع اليمن في الثاني عشر من ربيع الأول 1447هـ تحولًا استراتيجيًّا، ونقلة فارقة أذابت العقود والقرون، لتعيد للرسالة المحمدية أَلَقَها، ولشعب الإيمان والحكمة هُويته الإيمانية المشهودة منذ بزوغ فجر الإسلام، وللأُمَّـة العربية والإسلامية مجدَها، وللدين الإسلامي مسؤولياته في مقارعة قوى الاستكبار العالمي، وخوض الصراع ضد أهل الكتاب.

فهذا اليوم الفارق في تاريخ اليمن والمنطقة والعالم تمثّل في الحشود المليونية التي خرجت في مختلف المحافظات الحُرة احتفاءً بالمولد النبوي الشريف، وصفه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بأنه "لا نظير له فوق وجه الأرض"، وشكّل مشهدًا إيمانيًّا وسياسيًّا غير تقليدي، تجاوز أبعاده المحلية ليؤسِّسَ لتحوُّلٍ نوعي في وعي الأُمَّــة واتّجاهات الصراع القائم مع قوى الاستكبار العالمي.

ومن حَيثُ دلالات الحشود الجماهيرية، فالمشهد اليمني يوم المولد لم يكن مُجَـرّد احتفال ديني تقليدي، بل تعبيرًا صريحًا عن تموضع الشعب اليمني في قلب الأُمَّــة الإسلامية. فالحشود التي ملأت الميادين لم تكن حشود زينة أَو استعراض، بل جسَّدت معنى المحبة النبوية في أرقى تجلياتها: ولاءً وبيعةً ووفاءً للرسول الأكرم، والتزامًا بالقرآن، ورفضًا قاطعًا للطغاة والمستكبرين.

وللقراءة أكثر عن مفاعيل ولادة هذا الفجر اليماني المشرق للرسالة المحمدية، ومعرفة أسباب الموقف اليمني المتجذر في نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعترة آل بيته -عليهم السلام- لا بدّ من استحضار المتغيرات التي برزت في بداية القرن الحادي والعشرين على مستوى الساحة اليمنية، وما ترتب على ثورة المشروع القرآني للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- مؤسّس المسيرة القرآنية، وصاحب الفكر الذي أذكى جذوة الثقافة القرآنية في وجه الطواغيت.

 

متغيرات ولادة الموقف الذي هز العالم

تأتي هذه المناسبة العظيمة بعد أكثر من عشرة أعوام على ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الشعبيّة، بقيادة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، التي أعادت للرسالة المحمدية اعتبارها، وللقرآن الكريم مكانته العملية، وللشعب اليمني دوره التاريخي في صنع المتغيرات.

فهذا المتغير، وبهذه القيادة من آل البيت "عليهم السلام"، أربك مخطّطات اليهود والمستكبرين وأفشل مؤامراتهم في المنطقة، وبرز للواجهة من عمق القرآن الكريم، والاهتداء به، والتأسي والاقتدَاء برسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتمسك بالثقلين، والابتعاد عمّا هو وافد من خارجهما من الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة، مع التزود بثقافة معرفة الله والثقة به، في فترة حساسة توسعت فيها الأطماع الاستعمارية الإجرامية في المنطقة، من فلسطين وأفغانستان والعراق وسوريا إلى اليمن وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، في ظل تواطؤ وعمالة وخنوع غير مسبوق من قبل حكومات وأنظمة الأُمَّــة العربية والإسلامية.

ومع ذلك، عبّر اليمن عن صوت الأُمَّــة الغائب، حين وضع فلسطين في صدارة أولوياته، وفجّر ينابيع حبه المكبوت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان منحصرًا قبل ثورة 21 سبتمبر في التعبير عنه بالزوَاوِي والمجالس وبعض الساحات المحدودة في محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها.

فكان مولد هذا العام وخطابه التاريخي، وما سبقه من متغيرات وأحداث ومواقف وعمليات عسكرية نوعية للقوات المسلحة اليمنية وانتصاراتها ضد المصالح الصهيونية والأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن وعمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، مفاعيل ومداميك مهيئة لإطلاق الدعوة القرآنية التي أصدرها مجدّدًا السيد القائد لأهل الكتاب.

ورسمت بذلك جزءًا من معادلة ردع فكرية وثقافية وعسكرية ومعنوية بأبعاد ومدلولات ومفاعيل عميقة تعيد رسم التوازنات في المنطقة، وتنقل مساراتها إلى عالمية الرسالة المحمدية، ودورها في حماية المجتمع البشري وتقديم هدى الله له من منطلق قوة، وفي توقيت مشهود حاسم يجذب أنظار المهتمين والمتابعين، ويعيد بناء وتقديم الصورة المحمدية الصافية والرسالة الخاتمة ومشهديتها دون تحريف أَو تزوير أَو رتوش، بالفعل الذي يسبق القول، وسط أضواء إعلامية أسرع وأسهل وُصُـولًا للمجتمعات عبر تقنياته المختلفة.

الإبعاد الثقافية والفكرية والروحية والدينية والسياسية والعسكرية ومتغيراتها، في عالم كهذا، استطاعت الحشود المليونية التعبير عنها في أكمل تجلياتها الواضحة، وجذب المتابعين والباحثين والدارسين من مختلف التوجّـهات في العالم لمعرفة حيثياتها وبواعثها ومنطلقاتها وأسسها وجذورها، بالتزامن مع انهيار المنظومة الأخلاقية والقيمية والإنسانية للمجتمع الدولي، وادِّعاءات حقوق الإنسان في المجتمع الغربي أمام جريمة الإبادة الصهيونية في غزة، وانجرار الأنظمة السياسية والمنظمات والهيئات الدولية إلى مربع مجرمي الحرب والطواغيت، فيما برز الشعب اليمني الذائب في عشق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمتمسك برسالته القرآن الكريم، اليمن قيادة وشعبًا وجيشًا، للذود عن المظلومية الفلسطينية والدفاع عن غزة بكل الإمْكَانيات والوسائل والأوراق الجيوسياسية والعسكرية، مقدمًا النموذج الأسمى أمام أحرار وشعوب العالم المنبهرين به.

فكان خطاب السيد القائد والحشود اليمنية الهادرة تتويجًا زاد معركة الصراع ألقًا وإبعادًا، وشكّل إعلان دخول الأُمَّــة مرحلة جديدة من المواجهة. فالمولد النبوي لم يعد مناسبة احتفالية، بل أصبح منصة تعبوية تربط الماضي بالحاضر، وتحفّز الأُمَّــة على استعادة دورها الريادي في مواجهة أهل الكتاب، وتحديدًا المشروع الصهيوأمريكي.

 

خارطة طريق داخلية وخارجية

وحمل خطاب المناسبة الأكبر عالميًّا للسيد القائد أبعادًا ودلالاتٍ وأهدافًا، وقدم خارطة طريق للأُمَّـة والمجتمع البشري وللإنسانية، دعا فيها إلى أهميّة العودة إلى الرسالة المحمدية والقرآن الكريم كخيار لا بديلَ عنه، وقدَّم الضمانة الحقيقية لكل البشر ومصالحهم في الدنيا والآخرة، وخلَّصهم من قوى الطغيان والظلم والاستكبار والتوحش والإجرام بحق الإنسانية في المنطقة والعالم.

وجاء خطابُ السيد القائد في المناسبة العظيمة شاملًا للأبعاد كافة، ومعبّرًا عن مرحلة مفصلية في مسار الأُمَّــة. أبرز ما حمله الخطاب من رسائل: نصرة فلسطين، حَيثُ أكّـد السيد القائد أن دعمَ فلسطين واجب ديني وأخلاقي، ورفض التطبيع؛ باعتبَاره خيانة لله ولرسوله، كما قدّم اليمن نفسه كجبهة متقدمة في معركة الدفاع عن غزة والأمة برمتها، في وقت خذل فيه حكام العرب شعوبهم وقضاياهم.

ووجّه دعوة عالمية جامعة بدعوته أهل الكتاب للعودة إلى كلمة سواء، وبهذا أعاد السيد القائد إحياءَ جوهر الرسالة المحمدية كرسالة عالمية تدعو للعدل ورفض الطاغوت، وتؤسس لحوار حقيقي على قاعدة عبادة الله وحده ونصرة المستضعفين.

إلى ذلك رفضت هذه الدعوة الوصايةَ الدولية، ومثل الخطاب قطيعة معرفية وسياسية مع مرجعيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ باعتبَارها أدوات قوى الاستكبار، مؤكّـدًا أن الحلول الجذرية تكمن في العودة إلى القرآن ومنهج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما جاء في قوله تعالى: "قُلْ يَا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".

في هذا السياق، أكّـد الناشط الثقافي الأُستاذ محسن الشامي أن الحشد الجماهيري الكبير الذي شهده اليمن يحمل دلالات عميقة على المستويين الداخلي والخارجي، مُشيرًا إلى أنه مثّل رسالة قوية في وجه المؤامرات الداخلية التي يسعى العدوّ لإثارتها، وعبّر عن تماسك الشعب اليمني وتلاحمه رغم التحديات.

وأوضح الشامي أن الحشدَ أذاب الفوارقَ الطبقية والمذهبية، وقدم اليمن كقوة متماسكة قادرة على المواجهة مهما كانت الظروف، سواء من الحصار أَو العدوان، لافتًا إلى أن اليمن أثبت أنه شعب صامد لا تهزُّه الأزمات.

وعن خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قال الشامي إنه حمل رسائلَ متعددة، أبرزها تأكيد ثبات الموقف اليمني تجاه قضية فلسطين، وتحميل الدول العربية والإسلامية مسؤوليتها تجاه غزة، والدعوة إلى الالتفاف حولها.

كما بيّن أن القائد وجّه دعوةً صادقةً للطرف الآخر للعودة إلى كلمة سواء، بعيدًا عن الحلول الشكلية والمجالس الدولية، مؤكّـدًا أن الخروج من هذه الأزمات لا يكون إلا بالإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتخلّي عن الكبر والعناد، والعودة إلى جوهر الانتماء الإسلامي الحقيقي.

وعن التوقيت والمضامين وما يترتب عليها، أشار الشامي إلى أن ما قبل المناسبة والخطاب ليس كما بعده، وأن المواجهة مع أهل الكتاب تدخل مرحلة جديدة يستطيع اليمن، ومن منطلق الاقتدار، أن يحقّق السنن الإلهية ويذيق الذين كفروا بهذه الدعوة الموجهة من السيد القائد العذاب الشديد، وهذا يؤسس لمرحلة هزيمة الطغيان الصهيوني الأمريكي، واستعادة الأُمَّــة الإسلامية والرسالة المحمدية لزمام المبادرة والريادة في العالم.

وتوقف الشامي عند الخطاب الذي ألقاه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله مؤكّـدًا أنه أعاد الاعتبار للخطاب القرآني في الدعوة إلى التوحيد ونبذ الطغيان العالمي، من خلال دعوته أهل الكتاب إلى كلمة سواء، وهي دعوة ترتكز على قوة المنهج، لا على التبعية أَو الاستضعاف، وهو ما يعطي للخطاب بُعدًا عالميًّا يتجاوز الساحة اليمنية.

وأشَارَ إلى أن الثورة الشعبيّة في 21 سبتمبر كانت الرافعة الأَسَاسية التي نقلت هذه المناسبات من الزوايا المغلقة إلى الفضاءات العامة، فباتت تملك تأثيرًا سياسيًّا وثقافيًّا واسعًا، وتعزز الهُوية الجامعة في مواجهة مشاريع التفتيت.

وتابع الشامي: "هذه المناسبة ليست فقط دينية، بل هي حدث استراتيجي يعكس وعي الشعب اليمني وموقفه الراسخ في نصرة قضاياه، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ورسالة متجددة للعالم بأن اليمن حاضر ومتماسك رغم كُـلّ الظروف".

وبهذا يؤكّـد اليمن بقيادته وشعبه أن الرسالة المحمدية لم تمت، بل هي الحية في ضمير الأُمَّــة، وأن الصراع مع أهل الكتاب لم يعد صراع نصوص أَو شعارات، بل صراع وجود وحضارة، تصطف فيه الشعوب على أَسَاس الإيمان والكرامة أَو التبعية والخيانة.

فالمولد النبوي الشريف للعام 1447هـ شكّل نقطة تحول فارقة، ليس فقط في الوعي الشعبي، بل في رسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع مع أهل الكتاب. وقدّم اليمن نفسه كقلب نابض للأُمَّـة، وأمل لكل أحرار العالم والمستضعفين فيه، يجمع بين الولاء الإيماني والوعي السياسي، ويقدّم نموذجًا فريدًا في الوفاء لرسالة الإسلام المحمدي الأصيل، ويحفظ للعالم والمجتمع الإنساني قيمه ونواميسه الفطرية، ويدعوه إلى الهدى واتباع مصدر النجاة والفلاح، وما يجنبه سخط وعذاب الله، ويحقّق السلام والأمن الدوليين بدبلوماسية سماوية ربَّانية لا تقبل المساومات، ولا تقدم التنازلات على الطاولات، على حساب قيمها وعقيدتها ومقدساتها وسيادة وحرية أوطانها وشعوبها.


الجيش السعودي يواصل القصف الصاروخي والمدفعي على مناطق صعدة الحدودية
خاص | المسيرة نت: واصل الجيش السعودي، السبت، قصف مناطق صعدة الآهلة بالسكان، في تأكيد على التمسك بمسار التصعيد الأمريكي الصهيوني البريطاني.
غزة بعد 700 يوم من القتل والتدمير والحصار.. إبادة جماعية أمام مرأى العالم
خاص | المسيرة نت: يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ700، في واحدة من أطول وأعنف حملات الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، وسط صمت دولي مطبق وتواطؤ إقليمي، فيما تتواصل عمليات القصف والتدمير الممنهج لمناطق واسعة من القطاع، مع تصاعد استهداف الأبراج السكنية والأحياء المكتظة بالنازحين.
نت بلوكس: سلسلة من انقطاعات كابلات الاتصالات بالقرب من جدة بالسعودية
متابعات| المسيرة نت: أعلنت منظمة نت بلوكس لمراقبة الوصول إلى الإنترنت أن سلسلة من انقطاعات كابلات الاتصالات بالقرب من جدة بالسعودية في البحر الأحمر أدت إلى تدهور الإنترنت في عدة دول.
الأخبار العاجلة
  • 02:36
    مصادر فلسطينية: 4 شهداء وإصابات في قصف العدو مدرسة الفرابي التي تؤوي نازحين محيط ملعب اليرموك بمدينة غزة
  • 02:36
    هيئة البث الصهيونية: الهيئة الجديدة ستتمكن من تشغيل مدونين ونجوم شبكات التواصل الاجتماعي وخبراء رقميين لتعزيز "الرواية الإسرائيلية"
  • 02:35
    هيئة البث الصهيونية: "الحكومة" ستصادق الأحد على إنشاء هيئة جديدة بوزارة "الخارجية" لتنسيق المعركة السياسية - الإعلامية على الساحة الدولية
  • 01:51
    مصادر فلسطينية: شهداء بينهم أطفال جراء قصف صهيوني استهدف خيمة نازحين محيط التشريعي في حي الرمال بمدينة غزة
  • 01:43
    مصادر فلسطينية: مصابان برصاص المغتصبين في خلة العيص ببلدة شيوخ شمال شرقي الخليل بالضفة المحتلة
  • 01:43
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تقتحم مخيم بلاطة شرق نابلس
الأكثر متابعة