قراءة تحليلية لخطاب الشيخ نعيم قاسم.. حزب الله قوي وقدراته العسكرية متينة

خاص|01 أكتوبر| منصور البكالي| المسيرة نت: قدم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم خطاباً متزناً، مليئاً بالحقائق والسيناريوهات القادمة، ووضع الكثير من النقاط على الحروف.

وفي أول خطاب له بعد اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله أفاد قاسم أن القدرات العسكرية لحزب الله لا تزال قوية ولم تطالها "إسرائيل" بأي أذى، وهو ما تحقق بالفعل، وكشفته الوقائع على الأرض، بإطلاق صواريخ كثيفة ونوعية على "تل أبيب" وبقية المغتصبات شمالي فلسطين المحتلة.

كان لافتاً حديث الشيخ نعيم قاسم عن مؤسسية حزب الله، وأن اغتيال القادة لا يؤثر كثيراً على وضعية الحزب وقدراته، وأنهم على قلب رجل واحد، وسيختارون أميناً عاماً للحزب خلفاً للشهيد نصر الله قريباً.

وفي جزئية أخرى، ولا سيما فيما يتعلق بإسناد غزة، شدد قاسم على أن حزب الله مستمر في موقفه، ولن يتزحزح عن ذلك قيد أنملة، وأنه كذلك لا يخشى أي هجوم بري على لبنان، فهو مستعد لذلك، وسينكل بالعدو، والنصر حليفهم في نهاية المطاف.

وخلال متابعة الكثير من المحللين السياسيين والعسكريين لكلمة الشيخ قاسم، أكدوا أن هذا يدل على قوة وصلابة المقاومة، وقدرتها على مواجهة التحديات، كما أكدوا على أن الكلمة تحمل رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي، مفادها أن أي عدوان على لبنان سيواجه برد قاسٍ، وسيقود جيش العدو إلى نهايته المحتومة، وسيدفع ثمناً باهضاً على أعماله العدائية، وجرائمه السابقة، بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني.

في هذا السياق يقول الخبير والباحث السياسي اللبناني نبيل سرور إن كلمة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم هي كلمة العقل، مشيراً إلى أنه كان خطاباً هادئاً، وعقلانياً، وموضوعياً.

ويرى سرور أن المرحلة صعبة جداً، فالعدو الآن يتربص بكل المؤمنين المقاومين الذين يقفون بوجهه، وهو عدو غادر ومتوحش بأقصى درجات توحشه، ولكن المقاومة استوعبت الصدمة، ولملمت صفوفها بشكل جيد، وأكدت على حركة الوعي لديها، وبمثل هؤلاء الصادقين ستكمل المسيرة، وسيتحقق الانتصار".

ويتابع: "هذا الخطاب مهم ومفصلي في هذه المرحلة، وأكد على الثوابت والاستراتيجيات، وبأن نهج الشهيد القائد مستمر، ومعه كل المجاهدين في هذه المسيرة الطاهرة".

بدورة يقول  الأمين العام المساعد لحزب الشعب الديمقراطي، ونائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان على اليمن سفيان العماري: "هناك وضوح في حزب الله وكل محور المقاومة، وأن المشاركة الأمريكية واضحة جداً، وهذا ما أكدته كلمة الشيخ نعيم قاسم، بأن العدو الأمريكي شارك في العدوان على لبنان، وعلى كل المحور، وفي هذه الجريمة بالتحديد، هناك بصمات أمريكية، وهي ركن أساسي من أركان هذه العدوان، وأمريكا من تدعم الكيان الصهيوني، معلوماتياً وتسليحاً، وغالبية الأطنان من الأسلحة التي تقتل وتدمر وتبيد في غزة ولبنان ومختلف المحور أمريكية"

ويتابع العماري: "كلمة قاسم فيها وضوح كبير جداً، تؤكد أنه لا خيار ولا تزحزح، عن التزامات حزب الله والمقاومة اللبنانية عن مساندة فلسطين، وكل قضايا الأمة، رغم التضحيات الكبيرة، ورغم استهداف رأس الحزب، وقائد المقاومة في المنطقة، إلا أنه استطاع تعدي هذه المرحلة ، وامتصاص الصدمة، والعودة إلى العمليات العسكرية ذاتها المساندة،  كما كانت الكلمة واضحة تجاه كل القضايا السياسية، والعدائيات الموجودة على الساحة،  وأصبحت المشاركة الأمريكية واضحة ، ومن المحتمل أن المرحلة القادمة تحمل تصعيداً جديداً حول استهداف التواجد الأمريكي في المنطقة، وما تقوم به المقاومة العراقية من استهداف هو في هذا المسار، وتدشين واضح لهذه المرحلة".

  إعادة ترميم صفوف الحزب

لقد راهن العدو الصهيوني على استهداف صفوف حزب الله، وهيكله التنظيمي واحداث فراغاً في بنيته التنظيمية، لكن ما قاله الشيخ نعيم قاسم في كلمته يؤكد فشل العدو في تحقيق ذلك، وتمكن الحزب من ترميم صفوفه، وملئ الفراغ وفق آليات الحزب المعتمدة.

وفي هذا الصدد يقول الباحث سرور إن رسالة الشهيد القائد إلى القادة والأفراد في الحزب، وما بناه من خطط بديلة تؤكد بأن حزب الله، في جوانبه الهيكلية والإدارية، قادر على التغلب على التحديات، بشكل كبير، وسيملأ كل الفراغات التي كانت بعد استشهاده، وهذا ما كان يراهن عليه الأعداء بالمناسبة، حيث كان الأعداء يراهنون على ضرب أركان القيادة وهيكلها، لدى الحزب، كمؤسسة تنظيمية، وهذا ما عكسته كلمة قاسم".

كما يؤكد الباحث سرور على أن الحزب خرج أقوى مما مضى، وهناك فئات شابة مجاهدة مقاومة، مجربة ملئت هذه الفراغات، وتحمل روح الجهاد وروح العطاء.

بدورة يقول الخبير السياسي العماري إن خطاب نعيم قاسم كان وضحاً بأن الكيان الصهيوني يوحد الجميع من خلال استهداف الجميع في التوقيت نفسه، وبالتالي، فإن عملية الاستهداف توحد الحواضن والشعوب والقدرات البشرية، والكوادر، بأنه يوجه رسالة بأن جميعكم مستهدفون، وبالتالي فإن العملية بيننا وبين العدو هي صراع وجودي، ولا مجال لعمليات التضليل للجمهور العربي والإسلامي من اتفاقيات ومفاوضات ومحاولات سلام".

  المقاومة أكثر تماسكاً وحضوراً

ما بعد استهداف الأمين العام لحزب الله ولقيادة المقاومة اللبنانية ليس كما قبلها، بل أثمرت تماسكاً وتحصيناً وحضوراً.

و في هذا السياق يقول الباحث سرور إن خطاب نعيم قاسم يؤكد بأن المقاومة اللبنانية باتت اليوم أكثر تماسكاً وتنظيماً وحضوراً في ميدان المواجهة، وستوسع الضربات، وهي تمتلك كل عوامل القوة والقدرة على توسيع الضربات التي ستقود إلى النصر إن شاء الله، ولن تكن هناك أية منطقة، أو قاعدة إسرائيلية بعيدة عن الضربات القادمة، وعلى رأسها المراكز البتروكيماويات والحيوية، والأمونيوم وكل ما له علاقة بالطاقة ومرادها، والمطارات العسكرية والمدنية، والموانئ، وأماكن تكرير النفط، في كاريش، وطماره وغيرها، وكل ذلك سيكون هدفاً للمقاومة.

ويلفت سرور إلى أن الخطاب فيه ارتباط بالحاضنة الشعبية الولادة للقادة، وسيكون هذا الاستهداف المسمار الأخير لنعش الكيان الغاصب، وستضرب المقاومة اللبنانية كل المحرمات والخطوط الحمراء، وسبق أن قالها الشهيد القائد، والمقاومة جاهزة لكل الخيارات، بما فيها دك كل مقومات الكيان".

في السياق ذاته يؤكد العماري " أن لدى الحزب التزام في الاستمرار تجاه مختلف القضايا التي يوليها الشهيد القائد جل اهتمامه، وهذه التنظيمات ليست مجرد تنظيمات سياسية، بل هي تنظيمات جهادية خلقت للكفاح المسلح، والجهاد في سبيل الله، وهذه لديها مرونة في استبدال القيادات، وهذا كان واضحاً في خطاب السيد نعيم، وقدرة الحزب في استيعاب الصدمة واستمراره في المواجهة، حيث لم يتوقف سوى 8 ساعات، وعاد لنفس الأعمال، بل وسع النطاق والعمليات، وأوصل رسائل واضحة بأن الحزب استعاد قدرته على المواجهة".

ويتابع: "خطاب قاسم برزخ بين فترتين، فترة إعادة التنظيم، وفترة إعادة التموضع والتوجه نحو الاستمرار في المعركة، وسيكون لذلك أثر فادح على السياسة الأمريكية، وضوئها الأخضر لهذا العدوان وهذه الإجرام والتوحش، وحزب الله استطاع العودة إلى المواجهة بعنفوان وتنظيم أفضل من السابق، وسنشهد توسعاً فسيحاً للأهداف في عمق الكيان، والأهداف الاستراتيجية الحيوية التي تمد الجانب العسكري للعدو".

الاستعداد التام للمواجهة:

شدد الشيخ نعيم قاسم على أن المقاومة اللبنانية والشعب اللبناني مستمران في مساندة غزة، رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، مؤكداً أن المقاومة تمتلك القدرة والاستعداد للتصدي لأي عدوان بري إسرائيلي، مشيراً كذلك إلى أن الهيكلية التي أرساها الأمين العام السابق تسير عليها قيادة المقاومة اليوم، وأن العمليات مستمرة بوتيرة متسارعة، مستهدفة مناطق جديدة مثل حيفا.

 وفي هذا الصدد يقول الباحث سرور إن رد خطاب قاسم على ادعاء الكيان بالدخول البري إلى لبنان، سيواجه بمقاومة شرسة ومتعطشة للمواجهة المباشرة، على الميدان، وهو دليل على وجود استعداد  وجهوزية عالية جداً تنتظر الالتحام المباشر لمواجهة العدو وبفارغ الصبر، في حال قرر الهجوم البري، لافتاً إلى أننا الآن في حالة جهوزية عالية، وفوق مستوى توقع العدو، وهناك أسلحة استراتيجية ستصب على آليات العدو وعمقه، ونحن في وسط المعركة ومستعدون لكافة الخيارات، ولا نعول على الشعوب العربية، وكنا منفتحين على الحل، لكن المجرم نتنياهوا لم يتح أي مجال للحلول السياسية لوقف العدوان على غزة، والمقاومة باقية على كل مواقفها الصلبة بكل عناد وتحدي مستندين إلى إيماننا وعنفواننا التاريخي وحقنا في الأرض والقرار".

 وعن الحاضنة الشعبية وما ورد في خطاب نعيم قاسم يتابع سرور: "الجميع يقول لا يهمنا سوى أن يكون الشهيد القائد راضٍ عنا وهو في قلوبنا وجميعنا نقف في خط المواجهة والثبات والصمود رغم كل الجراحات، وهي بيئة العطاء والتضحية والفداء مع نهج المقاومة وقيادتها".